للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أبيه عبد الرحمن وعائشة حية، قالا: فلم يدع في الدار مسكينًا ولا ذا قرابة إلا أعطاه من ميراث أبيه، قال: وتلا ﴿وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى﴾، قال القاسم: فذكرت ذلك لابن عباس، فقال: ما أصاب، ليس ذلك له إنما ذلك إلى الوصية وإنما هذه الآية في الوصية يريد الميت يوصي لهم، رواه ابن أبي حاتم (١).

ذكر من قال: هذه الآية منسوخة بالكلية:

قال سفيان الثوري، عن محمد بن السائب الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس ﴿وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ﴾ قال: منسوخة (٢)، وقال إسماعيل بن مسلم المكي عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال في هذه الآية ﴿وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى﴾ نسختها الآية التي بعدها ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ﴾ [النساء: ١١] (٣). وقال العوفي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في هذه الآية ﴿وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى﴾ كان ذلك قبل أن تنزل الفرائض، فأنزل الله بعد ذلك الفرائض فأعطى كل ذي حق حقه، فجعلت الصدقة فيما سمى المتوفى (٤)، [رواهن] (٥) ابن مردويه.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح، حدثنا حجاج، عن ابن جريج وعثمان بن عطاء، عن عطاء، عن ابن عباس في قوله: ﴿وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ﴾ نسختها آية الميراث فجعل لكل إنسان نصيبه مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر (٦). وحدثنا أسيد بن عاصم، حدثنا سعيد بن عامر، عن همام، حدثنا قتادة عن سعيد بن المسيب أنه قال: إنها منسوخة، كانت قبل الفرائض كان ما ترك الرجل من مال أعطى منه اليتيم والفقير والمسكين وذوي القربى إذا حضروا القسمة ثم نسخ بعد ذلك نسختها المواريث فألحق الله بكل ذي حق حقه، وصارت الوصية من ماله يوصي بها لذوي قرابته حيث شاء (٧). [وقال مالك، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب: هي منسوخة، نسختها المواريث والوصية] (٨). وهكذا روي عن عكرمة وأبي الشعثاء والقاسم بن محمد وأبي صالح وأبي مالك وزيد بن أسلم والضحاك وعطاء الخراساني ومقاتل بن حيان وربيعة بن أبي عبد الرحمن أنهم قالوا: إنها منسوخة (٩)، وهذا مذهب جمهور الفقهاء والأئمة الأربعة وأصحابهم، وقد اختار ابن جرير ههنا قولًا غريبًا جدًّا


(١) أخرجه ابن أبي حاتم عن الحسن بن أبي الربيع عن عبد الرزاق به، وهو بسنده ولفظه في تفسير عبد الرزاق وصححه الحافظ ابن حجر (فتح الباري ٨/ ٢٤٢).
(٢) في سنده محمد بن السائب الكلبي وقد صرح بأن كل ما رواه عن أبي صالح فهو كذب.
(٣) أخرجه النحاس من طريق سلمة بن الفضل عن إسماعيل به (الناسخ والمنسوخ ص ٩٥)، في سنده إسماعيل بن مسلم المكي: ضعيف، كما في التقريب.
(٤) أخرجه الطبري من طريق عطية العوفي به، وسنده ضعيف بسبب ضعف العوفي.
(٥) كذا في (ح) و (حم) و (مح)، وفي الأصل: "رواه".
(٦) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وسنده ضعيف بسبب ضعف عثمان بن عطاء، وعطاء لم يسمع من ابن عباس.
(٧) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ولفظه، وسنده صحيح.
(٨) الزيادة من (ح) و (حم) و (مح)، وسند مالك صحيح.
(٩) ذكرهم كلهم ابن أبي حاتم بحذف السند.