للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الحديث عند آيتي الميراث بسياق آخر (١)، والله أعلم.

وقوله: ﴿وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (٨)﴾، قيل: المراد وإذا حضر قسمة الميراث ذوو القربى ممن ليس بوارث ﴿وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ﴾ فليرضخ لهم من التركة نصيب، وإن ذلك كان واجبًا في ابتداء الإسلام، وقيل: يستحب.

واختلفوا هل هو منسوخ أم لا؟ على قولين، فقال البخاري: حدثنا أحمد بن حميد، أخبرنا عُبيد الله الأشجعي عن سفيان، عن الشيباني، عن عكرمة، عن ابن عباس: ﴿وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ﴾. قال: هي محكمة وليست بمنسوخة. تابعه سعيد عن ابن عباس (٢).

وقال ابن جرير: حدثنا القاسم، حدثنا الحسين، حدثنا عباد بن العوام، عن الحجاج، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس قال: هي قائمة يعمل بها (٣).

وقال الثوري: عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في هذه الآية، قال: هي واجبة على أهل الميراث ما طابت به أنفسهم (٤)، وهكذا روي عن ابن مسعود وأبي موسى وعبد الرحمن بن أبي بكر وأبي العالية والشعبي والحسن (٥). وقال ابن سيرين وسعيد بن جبير ومكحول وإبراهيم النخعي وعطاء بن أبي رباح والزهري ويحيى بن يعمر: إنها واجبة (٦).

وروى ابن أبي حاتم عن أبي سعيد الأشج، عن إسماعيل بن علية، عن يونس بن عبيد، عن ابن سيرين قال: ولي عبيدة وصية فأمر بشاة فذبحت فأطعم أصحاب هذه الآية وقال: لولا هذه الآية لكان هذا من مالي (٧).

[وقال مالك فيما يروى عنه من التفسير في جزء مجموع عن الزهري: أن عروة أعطى من مال مصعب حين قسم ماله، وقال الزهري: هي محكمة. وقال مالك: عن عبد الكريم، عن مجاهد قال: هي حق واجب ما طابت به الأنفس] (٨).

ذكر من ذهب إلى أن ذلك أمر بالوصية لهم:

قال عبد الرزاق: أخبرنا ابن جريج، أخبرني ابن أبي مليكة: أن أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق والقاسم بن محمد أخبراه أن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر، قسم ميراث


(١) وهما آية ١١ و ١٢ من هذه السورة، والحديث هو حديث الإمام أحمد عن جابر.
(٢) أخرجه البخاري بسنده ومتنه وتعليقه (الصحيح، التفسير، باب ﴿وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ … ﴾ [النساء: ٨] ح ٤٥٧٦).
(٣) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده ضعيف بسبب ضعف الحسين وهو سُنيد، ويشهد له سابقه في صحيح البخاري.
(٤) أخرجه الثوري في تفسيره بسنده ومتنه، وسنده صحيح، وأخرجه الطبري وابن أبي حاتم من طريق الثوري به.
(٥) ذكرهم ابن أبي حاتم إلا رواية ابن مسعود، وذكر لهم بحذف السند إلا رواية أبي موسى الأشعري فقد أخرجها بسند صحيح من طريق حِطّان بن عبد الله الرقاشي عنه.
(٦) ذكرهم ابن أبي حاتم بحذف السند، وقد أخرج الطبري وابن أبي شيبة معظم أقوالهم بأسانيد ثابتة (المصنف ١١/ ١٩٣ - ١٩٦، رقم ١٠٩٣٨ و ١٠٩٤٨ و ١٠٩٤٩).
(٧) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وسنده صحيح.
(٨) الزيادة من (ح) و (حم) (مح)، وأسانيد الإمام مالك ثابتة إلى الزهري ومجاهد.