للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الفلاس، وهو يَتَبدى بأيسر ملابسة، فقد كان يمكّنه من كتابه العِللي ليضْرِب على منْ لا يُرْتضَى من الرواة (١)، ثمّ هو يصدّقُ نَقَدَاتِ أبي حفص الْعِلليّة؛ كما فعل في هذا الموضع: «قال عبد الرّحْمن: قال أبو حفص عمرو بن علي: الحديث عن أبي أمامة، وقوله: «أخبرني العبّاس»، كلامُ ابْنِ جريج. قال أبي: هو كما قال عمرو بن عليّ (٢). وقد بلغ من معرفة أبي حاتم بالفلاس وأسلوب شيْخِهِ القطانِ أنْ يقول: هذا من كلامه وهذا ليس من كلامه؛ ولذلك خطأه في خبر ساقه في «علله»؛ قال ابنُه (٣): «سألْتُ أبي عن حديث رواه أبو حفْص الصيرفي فقال: أفدْتُ عفّانَ: حدثنا سفيان، عن عاصم، عنْ زِرّ، عَنْ عبد الله، في المهدي. فحدّثه به يحيى بن سعيد، فقال: ليس كذا أُريد، فلقنه فتلقنه. ثم قال: ما هكذا حدّثنا سفيان، ولكن لا بأس به!». قال أبي: ما أخُوفَني أن يكون أبو حفص غلط؛ ليس هذا كلام يحيى، لم يكن يحيى من الرّجال الذي يقول: لا بأس بمثل هذا، لا أدري من أين جاء به أبو حفص». اهـ. ولا شك أنّ هذا ينِمّ عنْ إِدْراكِ وبَصَارَةِ بالشيخ وكُتُبِه وما يصدْرُ عنه من نقد، ومعرفةٍ أكيدة بمشيخته واصطلاحاتها. وقد كان أيضاً ممّنْ واكب الفلاس واختياراته، وعَرفَ بعض مُراجعاته؛ فمن ذلك قول عبد الرحمن: سمعْتُ أبي يقول: حدثنا عمرو بن عليّ الصيرفي؛ قال: حدثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر: «أنّ رسول الله نهى أن ينتعل الرّجُلُ قائماً، أَوْ يَشْتَمِلَ الصماء». فسمعْتُ أبي يقول: ثم رجع أبو حفص عن قوله: «نهى أن ينتعل الرّجلُ قائماً، وكان قديماً حدثنا به» (٤).

وكان نقلُ ابن أبي حاتم عنْ عِلَلِ الفلاس أكثرَ في «الجرح والتعديل» منْهُ في «علل الحديث»، فجاءت نقوله غزيرةً متعدّدة بلغت ٧٧ نقلاً؛ وهذا سياقُ أرقامها في كتابنا:


(١) علل الحديث: ٥/ ١٢٤؛ ر: ١٨٥٦؛ ٨/ ٣٨٦؛ ر: ١٧٦١.
(٢) علل الحديث: ٦/ ١٨؛ ر: ٢٢٧٦.
(٣) ٢/ ٤٠٨؛ ر: ٢٧٣١.
(٤) علل ابن أبي حاتم: ٦/ ٢٠؛ ر: ٢٢٧٨.

<<  <   >  >>