«قرأتُ على القاضي الشهيد أبي عبد الله محمّدِ بْن أَحمد بن خَلَفٍ حملا له ونقلتُ من كتابه بخطه؛ قال: نا أبو علي حسينُ بن محمد الغساني؛ قال: نا أبو عمر النمري؛ قال: حدّثنا أبو الوليد عبد الله بن محمد بن يوسف الْفَرَضيّ؛ قال: نا أبو زكريّا الْعَابدي؛ قال: حدّثنا أبو قتيبة محمد بن عبد الله بْنِ مَخْلَدٍ الْباهِلي بالبصرة - في سِكّة بني وديعة -؛ قال: حدثني سهْلُ بْنُ نُوح الجناني المحدث بالبصرة؛ قال: كنتُ أكتب عنْ عَمْرو بن علي الفلاس. قال: وكان يحدثنا في الجامع، فإذا أملى علينا ورقةً كأنما قد عمل معنا كبيراً، فلما كان ذات يوم جلس لنا إلى الظهر، ثم قال لنا: من كان عنده بياض وإلّا يَدَعُ بَعْضَ ما عنده عنْدَ البقال ويأْخُذُ بياضاً، ثمّ ارجعوا؛ فرجَعْنا إليه، فأملى علينا إلى العصر، ثمّ قال: صلوا واجلسوا. فقلت: للشيخ قصّة! فجلسنا إلى المغرب، ثمّ قال للمُسْتَمْلي: قل للنّاس يُنصتوا. فأنصت النّاس. ثمّ قال: رأيْتُ البارحة في الْمَنام ربّ العزة وهو يقول: اخْرج منها في غدٍ بسلام. فلما أنْ كان في غدٍ جتنا مبادرين وقد توفي ﵀»(١).
وفي هذا الخبر على وجازته: إقلالُ الفلاس في مجالس الإملاء، وأنّ تلاميذه كانوا يكتبون، وأنّهم من الكثرة بحيث احتيج معهم إلى مُمْل؛ وفيه من المبشّرات رؤيةُ الصيرفي ربّ العزّة في المنام، وحديثه إليه، وإعلامه بأن خروجه من الدنيا بسلام، ثمّ تصديقُ الرؤيا بموته في الوقت الذي أُعلم به.
ومن مرويات الفلاس في آخر سني عمره، ما ساقه الخطيب بسنده إليه؛ قال: قال أبو حفص الفلاس البصري، سنة تسع وأربعين بسُر من رأى: «ثنا يحيى بن سعيد القطان، أنا عبد الملك بن جريج، عن عطاء؛ قال: أرسل ابن الزبير إلى عبد الله بن عبّاس - وكان الذي بيْنَهما حَسَناً - فقال: إنّ هذا العيد