وقال آخرون: يجوز أن يكون لُبد مثل زُفر، وعُمر، وإنما ذكرته لأن أبا جَعْفَر الْمَدَنِيّ قَرَأَ:«مالا لُبَّدًا» بتشديد الباء جعله جمع لا بد ولبد مثل راكع وركَّع.
قَرَأَ أَبُو عَمْرو وحمزة وحفص، عنْ عاصم:«مُؤْصَدَةٌ» بالهمز مفعلة من أصدت الباب أي: أطبقته مثل آمنت، فاء الفعل همزة.
وقرأ الباقون بالهمز جعلوه من أوصدت، فاء الفعل واو مثل النار الموقده، من أوقدت.
فأمَّا فتحةُ الدّال في «مؤصدة» والميم في «المشأمة» فإجماع، وإنما ذكرتُه لأنَّ ابْنُ مجاهد، حَدَّثَنِي، عنْ الخزاز، عنْ القطعي، عنْ أَبِي الربيع، عن حفص، «مؤصدة» بإمالة الدال، و «المشأمة» بكسر الميم. وهذه لغة أعنى إمالة الحرف الَّذِي يلي هاء التأنيث كقولهم: القيامة والآخرة ورحمة، واللُّغة الأولى الاختيار؛ لأنَّ هاء التأنيث يفتح ما قبلها فِيْ جميع كلامِ العربِ إلا فِيْ موضع واحدٍ، وهو قولهم:
هَذِهِ؛ لأن هَذِهِ بدلٌ من ياء والأصل هذي، تَقُولُ: هَذِهِ المرأة، وهذي المرأة، وينشد:
فَهَذِي سيوف يا صدي بن مالك ... كثير ولكن أينَ بالسَّيْفِ ضارِبُ
وفيها قراءةٌ ثالثةٌ: روى عنْ حَفْص أيضًا: «أصحابُ المَشَّمَة» بتشديد الشين، وذلك أن العرب مَنْ إِذَا أسقط الهمزة شدَّد الحرف الَّذِي قبل الهمزةِ عوضًا مما حذف، كقول أَبِي جَعْفَر:«ثُمَّ اجعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ منه جُزًّا» حذف وعوض. فأعرف ذَلِكَ فإِنَّه حسنٌ.