للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمَنْ أَمَالَ فَلِأَجْلِ الْيَاءِ.

فَأَمَّا حَمْزَةُ فَإِنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ الْفَاءِ وَالْوَاوِ، لِأَنَّ الْفَاءَ مُتَّصِلَةٌ بِالْكَلِمَةِ خَطًّا، وَالْوَاوَ مُنْفَصِلَةٌ، وَكَرِهَ الْإِمَالَةَ مَعَ الْفَاءِ اسْتِثْقَالًا لِلزَّائِدِ، كَمَا قَرَأَ «شَا أَنْشَرَهُ» بِالْإِمَالَةِ، وَقَرَأَ «إِنْشَاءً» بِالتَّفْخِيمِ، وَلَمْ يَحْفِلْ بِالْوَاوِ إِذْ لَمْ تَكُنْ مُنْفَصِلَةً وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْعِلَّةُ بِالْمُرْضِيَةِ، لِأَنَّ الْإِمَالَةَ وَالتَّفْخِيمَ فِي اللَّفْظِ‍ لَا فِي الْخَطِّ‍، وَالنُّطْقُ بِالْوَاوِ وَالْفَاءِ سِيَّانِ، فَمَنْ أَمَالَ مَعَ الْفَاءِ وَجَبَ أَنْ يُمِيلَ مَعَ الْوَاوِ، وَمَنْ فَخَّمَ مَعَ هَذِهِ وَجَبَ أَنْ يُفَخِّمَ مَعَ هَذِهِ.

- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}.

قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ، وَابْنُ عَامِرٍ، وَعَاصِمٌ، وحَمْزَةُ بِضَمِّ الْهَاءِ، وَكَذَلِكَ «فَهُوَّ»، «وَلَهُوَّ»، و «ثُمَّ هُوَّ»، وَكَذَلِكَ «فَهِيَّ كَالْحِجَارَةِ» «هِيَّ» «لَهِيَّ»، كُلَّ ذَلِكَ بِالتَّثْقِيلِ.

وَقَرَأَ الْكِسَائِيُّ بِتَخْفِيفِ ذَلِكِ كُلِّهِ.

وَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو كَذَلِكَ إِلَّا مَعَ ثُمَّ، وَكَذَلِكَ نَافِعٌ فِي رِوَايَةِ قَالُونٍ، وَالْمُسَيَّبِيِّ مِثْلُ أَبِي عَمْرٍو، وَفِي رِوَايَةِ وَرْشٍ مِثْلُ ابْنِ كَثِيرٍ، فَمَنْ ضَمَّ الْهَاءَ وَثَقَّلَهَا فَعَلَى أَصْلِ الْكَلِمَةِ، لِأَنَّ الْأَصْلَ هُوَ قَبْلَ أَنْ يَتَّصِلَ بِهَا حَرْفٌ.

وَمَنْ خَفَّفَهَا قَالَ: لَمَّا اتَّصَلَتِ الْحُرُوفُ بِالْهَاءِ أَسْكَنُوُا الْهَاءَ تَخْفِيفًا، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {ثُمَّ لِيَقْضُوا تَفَثَهُمْ} بِكَسْرِ اللَّامِ عَلَى الْأَصْلِ وَ «ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ» بِإِسْكَانِ اللَّامِ تَخْفِيفًا «وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ».

فَأَمَّا نَافِعٌ، وَأَبُو عَمْرٍو فَإِنَّهُمَا أَسْكَنَا مَعَ الْفَاءِ وَالْوَاوِ لِاتَّصَالِهِمَا بِالْهَاءِ، وَلَمْ يُسْكِنَا مَعَ «ثُمَّ» لِأَنَّهَا كَلِمَةٌ مُنْفَصِلَةٌ قَائِمَةٌ بِنَفْسِهَا، وَهَذَا مِمَّا يُؤَيِّدُ قِرَاءَةَ حَمْزَةَ، لِأَنَّ «ثُمَّ» هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْوَاوِ إِذَا كَانَا مُنْفَصِلَيْنِ مِنَ الْكَلِمَةِ خَطًّا لَا لَفْظًا، وَفِي «هُوَ» لُغَةٌ أُخْرَى، وَلَيْسَتْ تَدْخُلُ فِي الْقِرَاءَةِ، غَيْرَ أَنَّ الشَّاعِرَ قَالَ:

وَإِنَّ لِسَانِي شُهْدَةٌ إِنْ حَبَسْتُهَا ... وَهُوَّ عَلَى مَنْ صَبَّهُ اللَّهُ عَلْقَمُ

وَمِثْلُ هَذَا: «لَوٌّ» وَأَنْتَ تُرِيدُ «لَوْ» وَيُنْشِدُ:

إِنَّ لَيْتًا وَإِنَّ لَوًّا عَنَاءُ

وَقَالَ آخَرُ:

فَهِيَّ أَحْوَى مِنَ الرِّبْعِيِّ حَاذِلَهْ ... وَالْعَيْنُ بِالْإِثْمِدِ الْحَارِيِّ مَكْحُولُ

- وَقْوُلُهُ تَعَالَى: {إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ}.

<<  <   >  >>