للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَأَلْقَى كَسْرَةَ الْأُولَى عَلَى الْحَاءِ وَحَذَفَ الْيَاءَ الْأُولَى لِسُكُونِهَا وَسُكُونِ الثَّانِيَةِ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: اسْتَحْيَيْتُ وَاسْتَحَيْتُ.

وَقَرَأَ الْبَاقُونَ وَابْنُ كَثِيرٍ مَعَهُمْ فِي سَائِرِ الرِّوَايَاتِ «يَسْتَحْيِي» بَيَاءَيْنِ، وَشَاهِدُهُ:

{يَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ} وَإِنْ كَانَتِ الْأُولَى فِي الْحَيَاءِ، وَالثَّانِيَةُ فِي الْحَيَاةِ وَالِاسْتِبْقَاءِ.

- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاللَّهُ مُحِيطٌ‍ بِالْكَافِرِينَ}.

قَرَأَ أَبُو عَمْرٍو، وَالْكِسَائِيُّ فِي رِوَايَةِ أَبِي عُمَرَ «الْكَافِرِينَ» بِالْإِمَالَةِ فِي مَوْضِعِ الْجَرِّ وَالنَّصْبِ.

وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالتَّفْخِيمِ، فَمَنْ فَتَحَ فَعَلَى أَصْلِ الْكَلِمَةِ، وَمَنْ أَمَالَ قَالَ: إِنَّمَا أَمَلْتُ الْأَلِفَ لِاجْتِمَاعِ أَرْبَعِ كَسَرَاتٍ، كَسْرَةِ الْفَاءِ وَالرَّاءِ، وَالْيَاءُ تَنُوبُ عَنْ كَسْرَتَيْنِ، فَلَمَّا اجْتَمَعَتْ فِي الْكَلِمَةِ أَرْبَعُ كَسَرَاتٍ جَذَبْنَ الْأَلِفَ إِلَيْهِنَّ بِقُوَّتِهِنَّ فَأَمَلْنَهَا.

قال أبو عبد الله رضي الله عنه: فَإِنْ سَأَلَ سَائِلٌ فَقَالَ: هَلَّا أَمَالَ {الشَّاكِرِينَ} وَقَدِ اجْتَمَعَتْ فِيهِ أَرْبَعُ كَسَرَاتٍ.

فَالْجَوَابُ فِي ذَلِكَ: أَنَّهُمْ تَرَكُوا إِمَالَةَ {الشَّاكِرِينَ} لِثَلَاثِ عِلَلٍ:

إِحْدَاهُنَّ: أَنَّ اللَّامَ مُدْغَمَةٌ فِي الشِّينِ، فَكَرِهُوُا الْإِمَالَةَ مَعَ التَّشْدِيدِ.

وَالْعِلَّةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّهُ قَلِيلُ الدَّوْرِ فِي الْقُرْآنِ وَلَمْ يَكْثُرْ كَكَثْرَةِ الْكَافِرِينَ.

فَإِنْ سَأَلَ سَائِلٌ عَنِ الْكَافِرِينَ، فَقَالَ: الْإِمَالَةُ فِي الْأَلِفٍ أَوِ الْكَافِ؟

فَالْجَوَابُ فِي ذَلِكَ: أن الإمالة لا تكون إلا في الألف، وَإِنَّمَا يُشِمُّ الْكَافَ الْكَسْرَ لِتَصِحَّ الْإِمَالَةُ، وَقَدْ قَالَ قَوْمٌ: إِنَّهُمَا مُمَالَانِ وَذَلِكَ خَطَأٌ.

وَالْعِلَّةُ الثَّالِثَةُ: أَنَّ الشِّينَ وَالْجِيمَ وَالْيَاءَ يَخْرُجْنَ مِنْ وَسَطِ‍ اللِّسَانِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَنَكِ، فَلَمَّا كَانَتْ مُجَاوِرَةَ الْيَاءِ كَرِهُوُا الْإِمَالَةَ فِي الشِّينِ كَمَا كَرِهُوا فِي الْيَاءِ.

- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ}.

قَرَأَ الْكِسَائِيُّ وَحْدَهُ: «فَأَحْيَاكُمْ» بِالْإِمَالَةِ، وَ «لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى» وَ «أَمَاتَ وَأَحْيَا».

وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْفَتْحِ، إِلَّا حَمْزَةَ فَإِنَّهُ كَانَ يُمِيلُ إِذَا تَقَدَّمَتْهَا وَاوٌ، وَلَا يُمِيلُ إِذَا تَقَدَّمَتْهَا فَاءٌ.

فَمَنْ فَتَحَ فَعَلَى أَصْلِ الكلمة.

<<  <   >  >>