وقال آخر: لم يُجرَ؛ لأنَّه مَعدول من طاوِى.
وفيها قراءةٌ ثالثةٌ: «طِوًى» بكسر الطاء، قال: ثنَّى البركة فِيهِ مرتين وقدَّس مرتين. ولم يذكر فِيْ التَّنوين شيئًا وما أَبعد من قال: إنه معدول من طوي، لأنَّ عِيسَى بْن عُمَر قَرَأَ: «طَاوِى اذْهَبْ».
وسَمِعْتُ ابْنُ مجاهدٍ إِذَا قَرَأَ فِيْ الصَّلاة سكت عَلَى طُوى سكتةً خفيفةً ويقطع ألف الوصلِ، ليُعْلِمَ أن «طُوًى» رأس آيةٍ، فسألته عنْ ذَلِكَ وقلت: لِمَ تَقطع ألفَ الوصلِ وأنتَ تُصَلِّ، فَقَالَ: لأنَّه روى عنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقرأ آيةً آيةً فأُحب أن أقف عند رءوس الآي عَلَى مذهبِ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا كانت سكتةً خفيفةً.
وقولُه تَعَالى: {فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَى أَن تزكى}.
قرأ ابن كثير ونافع: «تزكى» أراد تَتَزَكَّى فأدغما.
وقرأ الباقون: «تَزَكَّى» خَفِيفًا لأنَّهم أٍسقطوا تاءً.
قَالَ أَبُو عَمْرو: إنَّما يُقال: تَزكى إِذَا أردت تتصدق. ولم يَدْعُ مُوسَى فرعون إلى أن يتصدق، وهو كافرٌ، وإنما قَالَ: هَلْ لَكَ أن تصير زاكيًا، فالتَّخفيف الاختيار.
وقوله تعالى: {أإنا لمردودون في الحافرة}.
قرأ ابن عامر: «أإنا» بهمزتين مع الاستفهام.
وقرأ الكسائي ونافع: «أإنا لَمَرْدُودُونَ» غير أنّ نافعًا بين إحدى الهمزتين.
و«الحافرة» معناه: إنا لمردودون حيث كُنَّا، يُقال: رجع فلانٌ عَلَى حافرته أي: من حيثُ جاء.
وقال آخرون: «لَمَرْدُودُونَ فِيْ الحَافِرَةِ» أي: الحياة إلى أَمرنا الأول. وتَقُولُ العَرَبُ: النَقْدُ عِنْدَ الحَافِرَةِ عند أول كلمة.
وقال آخرون: النَّقد عند الحافرة معناه: إِذَا قَالَ قَدْ بِعتك رجعتَ عَلَيْهِ بالثَّمن وهما فِيْ المَعنى واحدٌ.
وقال آخرون: هَذَا مثلٌ جرى فِيْ الخَيل، ومعناه: النقد عند حافرةِ الدّابة، وكلُّ ذَلِكَ حسنٌ.
وقال آخرون: معناه: إنَّ الرجل كان إذ قيل لَهُ: احفر لنا بئرًا طالبَ بأجرتِه قبل