وقولُه تَعَالى: {لابِثِينَ فِيهَاْ}.
قَرَأَ حمزة وحده: «لَبِثِينَ» بغيرِ ألفٍ مثل فرحين وفرهين.
وقرأ الباقون: «لَابِثِينَ» بألفٍ، وهو الاختيارُ؛ لأنَّه اسمُ الفاعلِ من لَبِثَ يَلْبَثُ فهو لابثٌ. وحجَّةُ حمزة أن جعله كطَمع وطامع. واللّبثُ: البُطؤُ.
وقولُه: {أحْقَاْبًا} الأحقابُ: جمعُ حُقبٍ، والحُقب ثمانونُ سنةً، والسَّنةُ ثلاثمائة وستُّون يومًا واليوم {كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} وهذا كنايةٌ عنْ الأبد كما تَقُولُ العَرَب لا أُكلّمه ما طارَ طائرٌ، وما أنَّ السَّماءَ سماءٌ، وما بلَّ بحرٌ صُوفة، وما قامَ الَأخشبان، كلُّ ذَلِكَ يريدون: ما أكلمه أبدًا.
وقولُه تَعَالى: {لَا يَذُوُقُونَ فِيْهَا بَرْدًا}.
البَرْدُ: النومُ، وأَنشد:
فإن شِئْتِ حرَّمتُ النِّساءَ سِوَاكُمُ ... وإِنْ شِئْتَ لَمْ أَطْعَمْ نُقَاْخًا ولا بَرْدًا
النقاخ: العذب والمسوس، وهو أشد العُذوبة.
وقولُه تَعَالى: {إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا}.
قَرَأَ حمزة والكِسَائِيّ وعاصم مشدَّدًا.
وقرأ الباقون مخففا، وهما لغتان.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الحميمُ: الماء الحار، والغَسَّاقُ: ما وهي من العين، أي: سال.
وقال آخرون: الغَسَّاقُ: البارد، وقيل: المنتن.
وقولُه تَعَالى: {لَّا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا}.
قَرَأَ الكِسَائِيّ وحده: «كِذَابًا» مخففًا جعله مصدرًا لكذبت كذابًا مثل، قاتلت قتالًا: وليس مصدرًا لكذَّبْتُ بالتشديد لأنَّ المصدر من ذَلِكَ عَلَى ضربين كذبت تكذيبًا، وكَذَابًا، وكلمته تكليمًا وكلامًا.
وحدَّثني ابن مجاهد، عن السمري، عن الفراء، قال: قال لي أعرابي في طريقه مكَّة: يا زكريا القِصَّارُ أحبُّ إليك أم التَّحلاقُ يريد: أَقصر من شعري أم أَحلق.
وقولُه تَعَالى: {رَبِّ السَّمَاواتِ والَأرْضِ}.
فيها ثلاث قراءات:
قَرَأَ حمزةُ والكِسَائِيُّ: «ربِّ السِّمَاواتِ» بالكسر و «الرَّحْمَنُ» بالرَّفع.