وقرأ ابنُ عَبَّاسٍ والشَّعبي وعبيد بْن عمير وعاصم الجحدري وقَتَادَة وأبو عَبْد الرَّحْمَن وابن أبي أبزي: «قدروها تَقْدِيرًا» بضمِّ القافَ، وقال المَازِنيُّ، عنْ الأصمعي، عنْ أَبِي عَمْرو: و «قَدَّرُوهَا» بالفتح، وقال: «قُدِّرُوْهَا» محدثةٌ.
وقولُه تَعَالى: {عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ}.
قَرَأَ نافعٌ وحمزةُ: «عَالِيْهِمْ» بإسكانِ الياءِ جعلاه اسمًا لا ظرفًا، كما تقولُ فوقَك واسعٌ، ومنزلك بابُ البَرَدَانِ تَجعل البابَ هُوَ المنزلَ، وكذلك تَجعل الثِّياب هِيَ العالي.
وقرأ الباقون: «عالِيَهُمْ» بالنَّصب عَلَى الظَّرف؛ لأنَّه ظرفُ مكانٍ، وهو الأحسنُ فِيْ العربيةَّ؛ لأنَّ الثَّاني غيرُ الأولِ، وإنما رفع من هَذَا القبيل إِذَا كَانَ آخر الكلام هُوَ الأول كقولك: فوقك رأسك وأمامك صدرك، فإن قلت: فوقك السَّقف، وأمامك الَأسد فالنَّصبُ لا غيرُ.
وفيها قراءةٌ ثالثةٌ: قَرَأَ ابنُ مجاهدٍ: «عَالِيَهِمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ».
وفيها قراءةٌ رابعةٌ: حَدَّثَنِي أَحْمَد، عنْ عليٍّ، عنْ أَبِي عُبَيْدٍ، قَالَ: قَالَ هارون:
فِيْ حرفِ ابْنِ مَسْعُود: «عَالِيَتُهُم» بالتاء قَالَ: فوافق قولَ ابنِ عبَّاس الَّذِي حَدَّثَنَا حجَّاج، عنْ هارون، عنْ عَمْرو بْن مالك، عنْ أَبِي الجوزاء، عنْ ابنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: ما رَأَيْت الرَّجُلَ يكون عَلَيْهِ الثِّياب يَعلوها أفضلَ منها.
وقولُه تَعَالى: {خُضْرٌ وإسْتَبْرَقٌ}.
قَرَأَ ابنُ كثيرٍ وعاصمٌ فِيْ روايةِ أَبِي بكرٍ: «خُضْرٍ» خفضٌ نعتٌ للسُّندس و «إستبرقٌ» نعتٌ للثياب.
وقرأ نافعٌ وحفصٌ عنْ عاصمٍ بالرَّفْعِ فيهما جميعًا «خضرٌ» نعتٌ للثياب، و «إستبرقٌ» نسقٌ، لأنَّ اللَّه قَالَ: {وَيَلْبَسُوْنَ ثِيَابًا خُضْرًا} فجعل الخُضر نعتًا للثياب والِإستبرق: الدِّيباجُ الغَلِيْظ.
وقال بعضُهم: أصلُه فارِسيٌّ مُعَرَّبٌ استبره، كما أَنَّ قولُه: {مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} واحدها إقليد، وهو بالفارسية إكليد، كما قَالَ {من سِجِّيل} أي:
صَكُّ. وكلها أَلفاظٌ وافقَتِ العَرَبيَّةُ الفارسيةُ.
وقال آخرون: هَذَا محالٌ، لا يكون فِيْ القرآن غيرُ العَربية، وقد فسرت الحجة للفريقين في كتاب الإيضاح في القرآن.