للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقرأ الباقون كلهم: «بشهادتهم» عَلَى التَّوحيد، وإنّما ذكرته؛ لأنَّ عَبَّاسًا وعبد الوارث رَويا عنْ أَبِي عَمْرو «بِشَهَادَاتهم» عَلَى الجَمع.

وحفصٌ عنْ عاصمٍ كذلك.

فأمّا قولُه: {على صلاتهم يُحافِظُوْنَ}.

فلم يختلف القُرَّاء عَلَى توحيدها، لأنّها كتبت فِي المصحف بلام ألف.

والباقي كتب «صلاوة» بالواو أعني الثلاثة المواضع التي اختلفوا فيها، وَقَدْ بيَّنتُها.

وقال الفَرَّاء تكتب الصَّلاوة، والزَّكَاوة، والفَلاوة، ومَناوة، بالواوِ.

وقولُه تَعَالى: {أنَّ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ}.

روى المُفضل، عنْ عاصمٍ: «أنْ يَدْخُلَ» بفتح الياء، جعل الفعل لَهُ. وقرأ الباقون: «يُدْخَلَ» بالضَم عَلَى ما لم يسم فاعله والأمرُ بينهما قريبٌ؛ لأنَّ اللَّه تَعَالى إذا أدخل عبدًا الجنة فقد دخل هُوَ.

وقولُه تَعَالى: {إلى نُصُبٍ يُوْفِضُوْنَ}.

قَرَأَ حفص عن عاصم وابنُ عامرٍ: «نُصُبٍ» بضمتين جعلاه جمع نَصْبٍ كَرهِنٍ ورُهُنٍ، والنُّصُبُ: العلم يعني: الصَنَم الَّذِي نصبوه ليعبدوه من دونِ اللَّه. لا نَشرك بالله شيئًا.

وقرأ الباقون: «إلى نَصْبٍ» بفتح النون، وجزم الصاد، ومعنى يُوفضون:

يسرعون، قَالَ الشَّاعِر:

لَأَنْعَتَنْ نعامةً مِيفَاضَا ... خَرْجَاءَ ظَلَّت تَطْلُبُ الِإضاضا

الِإضاض بالكسرِ والفتح، ومعناه: الملجأ، والخرجاء: فِي لونها.

أخبرني ابنُ مُجاهدٍ، عنْ السِّمَّرِيِّ، عنْ الفَرَّاء، قَالَ: إذا رَقَّعت قميصك برقعتين حَمراء، وبَيضاء، فهو قميصٌ أَخرجُ، وأنشد أَبُو عُبَيْدةَ لِرُؤبة:

كَفَى بِنَا الجِدُّ عَلَى أَوْفَاضِ

ولا يجُوز: هُمْ يُؤْفِضُون، لأنَّه من أَوفض يُوفض إيفاضًا فهو مُوفضٌ. ففاءُ الفعلِ واوٌ مثل أَوقد يُوقد، وإنما همزوا هَذَا القَبيل ما كَانَ أول الفعل مِنْهُ الهمزةِ كقولك:

يُؤمنون، لأنَّه من آمن، ويؤتون، لأنَّه من آتى، وَقَدْ بيَّنته فيما سلف.

<<  <   >  >>