عَمْرٍو، وأَنشد آخرون كما قَالَ أَبُو الخطَّاب، فعلمنا أنّهما أصابا وَصَدَقا؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ روى ما سَمِعَ. والشّوى أيضًا: الخَسِيسُ من المالِ. وقولُه: «كَلَّا» فِي هَذِهِ السُّورة، حَدَّثَنِي أَبُو القاسم بْن المرزبان، عنْ أَبِي الزَّعراء، عنْ أَبِي عُمر الدُّوري أنَّ الكِسَائِيّ كَانَ لا يقف عَلَى «كلَّا» فِي شيءٍ من القرآن، إلا على هذين الحرفين اللذين فِي سورة {سَأَلَ سائلٌ}.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّه: أعلم أنَّ فِي القُرآن ثلاثةً وثلاثين موضعًا «كلا»، وليس فِي النِّصف الأول مِنْهُ شيءٌ. وَقَدْ ذكرته بعلته فيما سلف.
وإن من وقف عَلَيْهِ جعله ردًّا، ومن لم يقف جعله بمعنى حقًّا قَالَ الشّاعر:
يَقُلْنَ لَقَدْ بَكَيْتَ فقلتُ كلَّا ... وَهَلْ يَبْكِي من الطَّرَبِ الجَلِيْدُ
الطّرب: خفةٌ تُصيب الرّجل لشدَّة الخَوف أَوْ الجَزع أَوْ الفرح قَالَ الشَّاعِر:
وأراني طَرِبًا فِي إِثْرِهِمْ ... طربَ الوَالِهُ أَوْ كالمُخْتَبِلْ
وقال فِي السُّرور:
أَطَرَبًا وأَنْتَ قِنَّسْرِيُّ ... والدَّهرُ بالِإنسان دَوَّارِيُّ
أي: أتطَربُ طربًا وأَنت شيخٌ، كما قَالَ جريرٌ:
ماذَا مزاحك بعدَ الشيب والدين ... وقد علاك مشيب حين لا حين
وقولُه تَعَالى: {ولا يَسئَلُ حَمِيْمٌ حَمِيْمًا}.
روى نصر، عن البزي ابن كثير بالضم: «ولا يسأل».
وقرأ الباقون: «ولا يسأل» بالفتح؛ لأنهم فِي شغل من أنفسهم، عنْ أن يلقى قرين قرينه أو نسيب نسيبه، فكيف أن يسأله ألم تسمعه قولُه: {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وأبيه}.
ومن قرأ: «ولا يسأل» بالضمة فمعناه: لا يُطالب قرين بأن يحضر قرينه كما يفعل أهل الدُّنيا أن يؤخذ الجار بالجار والحميم بحميمه؛ لأنَّه لا جور هناك.
وقولُه تَعَالى: {لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ}.
قَرَأَ ابن كثير وحده: «لأمانتهم» واحدةٌ.
وقرأ الباقون بالجمعِ. وَقَدْ ذكرتُ علته في قَدْ أَفلح.
وقولُه تَعَالى: {وَالَّذِينَ هُم بشهاداتهم قائمون}.