وقولُه تَعَالى:{لَا يَسَّمَّعُوْنَ إلى المَلَإِ الَأعْلَى}.
قرأ حمزةُ والكِسَائِيُّ وحفصٌ، عنْ عاصمٍ:«لَا يسَّمَّعُوْنَ» مُشدَّدَ السينِ والمِيمِ أرادوا: لا يَسْتَمِعُوْنَ فأدغموا التَّاءَ فِي السِّين؛ وذلك أن اللَّه تَعَالى منعهم من الاستماع ورجمهم بالنُّجوم، فَقَالَ:{إنَّهم عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُوْلُوْنَ} ولكنهم كانوا يَتَسَمَّعون، كما قَالَ:{وإنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ للِسَّمْعِ} قبل مولدِ رَسُولِ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: {فَمَنْ يَسْتَمِعِ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهابًا رَصَدًا}.
وقرأ الباقون:«لا يَسْمَعُوْنَ» مخفَّفًا؛ وذلك أَنَّكَ تَقُولُ تَسَمَّعْتُ إلى فلانٍ، وسمعتُ إِلَيْه بمعنًى، كقولِ العربِ: أَلم تَسمع إلى فلانٍ، ومثله «وأُمِرْتُ أنْ أَكُوْنَ مِنَ المُسْلِمِيْنَ» وإنما أنكرَ بعضهم التَّخفيف. قَالَ: لأنِّي لا أقول سمعتُ إلى فلان، وإنما سَمِعْتُ فلانًا، وهذا وإن كان الأكثر فإن ذَلِكَ جائزٌ عربيٌ «ويُقْذَفُوْنَ» بضمِّ الياء لا غيرُ؛ لأنَّهم مفعولون؛ لأنَّ الشَّياطين تُرجم، ولا تَرجم. يقال: قَذفته بالحجر، وحَذَفْتُهُ بالخشب، وخَذَفْتُهُ بالحَصَى.
{مِنْ كلِّ جَانِبٍ دُحُوْرًا} بضمّ الدالِ لا غيرُ، إلا السُّلَمِيُّ والحَسَنُ، فإنهما قرءا:«دَحُوْرًا» أو أحدهما، وقد ذكرت علَّته فيما مضى.