للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سمِيعٍ بمعني مُسمع. كما قَالَ:

أَمِن رَيْحَانَةِ الدَّاعىْ السَّمِيْعُ ... يُؤَرِّقُنِيْ وَأَصْحَابِيْ هُجُوْعُ

أراد: المُسمع.

وقرأ الباقون: «مِنْ رجْزٍ ألِيمٍ» جعلوه نعتًا للرجز يختلف النَّاس فِيهِ، فقالوا: هُوَ بمعنى الرِّجس، وقالوا: كل ما فِي القرآن الرّجس فهو النَتَنُ، وما كان الرِّجز فهو العَذَابُ إلا قولُه: «الرُّجْزَ فاهجُرْ» فإنَّ معناه: وَعَبَدَةِ الأوثَان فاجتنبهم لأن الرجز - هاهنا - الصنم بالضم.

وقوله تعالى: {إن نشأ نخسف بِهِمُ الأَرضَ أو نُسقِطْ‍}.

قرأ حمزةُ والكِسَائِيُّ بالياء اختيارا عن اللَّه «إن يَشَأ يَخْسِفْ بِهِمُ».

وقرأ الباقون بالنون. الله تعالى يخبر عن نفسه. واتفق القُراء عَلَى إظهار الفاءِ عند الباء، لأنَّ الباء يخرج من بين الشَّفتين، والفاءُ تخرجُ من باطنِ الشَّفةِ السُّفلى والثَّنايا العليا وفيه نَفَسٌ فبطلَ الإِدغامُ لذلك إلا الكِسَائيُّ وحده، فإنه قرأ بالإدغام «نَخْسِفْ بِّهِمُ» فأمَّا إدغام الباءِ فِي الفاءِ فصوابٌ كقراءةِ أَبِي عَمْرٍو: «وإنْ تَعْجَبٌ فعجب قَولُهُمْ» وقَد ذكرنا علة ذَلِكَ فيما سَلَفَ.

وقولُه تَعَالى: {وَلِسُلَيْمانَ الرِّيْحَ}.

قرأ عاصمٌ وحده فِي روايةِ أَبِي بكر: «الريح» بالرفع جعله ابتداء، «وله» الخبر ولم يظهر العامل، والأصل بالنصب عَلَى ما قرأ الباقون: «ولسليمان الريح» أي:

سَخَّرنا لسليمان الرِّيْحَ «غُدُوُّها شَهْرٌ، وَرَواحُهَا شهر» بالرفع، ولو قيل: «غدوها شهرا، ورواحها شهرًا» بالنصب لكان جائزًا فِي غير القرآن، جعله نصبًا عَلَى الظرف أي: غدوها فِي شهرٍ، غير أن الاختيار فِي الكلام، وفي القرآن الرَّفعُ، إذا كان بالابتداء مصدرًا كقولك صيامي شهر، وصلاتي خمس شهرٌ، قَالَ الشَّاعِر:

وإنَّ سُلُوِّى عن جَمِيْلٍ لَسَاعَةٌ ... مِنَ الدّهْرِ مَا حَانَتْ وَلَا حَانَ حِيْنُهَا

فرفع «لَساعَةٌ» لأنَّ السلوَّ مصدرٌ، والخبرُ نكرةٌ، فإن جعلت الخبرَ معرفةً فاختيارُ العربِ النَّصبُ.

وحدَّثني ابنُ مجاهدٍ، عن السِّمَّرِيِّ، عن الفَرَّاء، قَالَ: تَقُولُ العربُ: ما ترك فلانٌ عن أَبِيهِ غُدُوًّا، ولا رواحًا، ولا مَغْدًى ولا مراحًا بمعنى واحدٌ: إذا نزع فِي الشبه إليه.

<<  <   >  >>