للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ينقد عندَ الذُّنَابَي لا صوتٌ وأزمَلَةٌ ... تكادُ تخطَفُهُ طورًا وتَهْتَلِكُ

وقولُه تَعَالى: {أنَّا دَمَّرنَاهُمْ}.

قرأ أهل الكوفِة: «أنًّا» بفتح الألف.

وقرأ الباقون: «إنَّا» بالكسرِ. فمَن كسر استأنف وابتدأ، ومن فَتَحَ جعله فِي موضعِ نَصبٍ على تقديرٍ: فانظر كيف كان عاقبة مكرهم بأنَّا دمَّرناهم، فلما سقطت الباء حكمت عليها بالنَّصب فِي قول النَّحويين إلا الكِسَائِيّ، فإنه يَجعل موضِعه خفضًا مع سقوطِ‍ الباءِ.

وقال آخرون: مَن فَتح «أنَّا» جعل «أنَّا» مع ما بعدها فِي موضع اسم، وجعله خبر «كان»، وتلخيصه: فانظر كيف كان عاقبة مكرهم التَّدمير.

وقولُه تعالى: {أإنكم لَتَأْتُوْنَ} الفَاحشةَ.

قرأ ابنُ كثيرٍ: «أَيِنَّكم» بياء بعد الهمزة.

وقرأ نافعٌ وأبو عَمْرٍو: «آينكم» ممدودا.

وقرأ الباقون: «أإنكم» بهمزتين. وقد أحكمنا علته فيما سلف. ومعنى قوله:

{لَتأتُونَ الفَاحِشَةَ}: اللِّواط‍ وما كان يعرف هذا الفعل قبلَ قومِ لوطٍ‍، قولُه تَعَالى: {مَا سَبَقَكُمْ بِهَا من أَحَدٍ مِنَ العَالَمِين} فأنذرهم لَوْطٌ‍ عَلَيْهِ السَّلام عذابَ اللَّه. فلم يرعووا حَتَّى أرسل اللَّه تَعَالى نقمته وأهلكهم. واللواط‍ كالزِّنا سواءً، يحدُّ فاعله. وقد حرَّق أَبُو بَكْر رحمةُ اللَّه عَلَيْهِ رجلًا لُوطِيًا بالنَّارِ. وكذلك عليٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ هَدَمَ على لُوطِيٍّ حائطًا. والعربُ تَقُولُ: هذا أليط‍ بقلبي بالياء، وأصله الواو، لئلا يلتبس بألوط‍ من الِّلوَاطِ‍ عَلَى أَنَّهُ قد جاء فِي الحديث: «الوَلَدُ أَلْوَطُ‍ بالقَلْبِ» أي: أَلْصَقُ بالقَلْبِ من غيره. ويقال: لاطَ‍ زيدٌ حَوْضَه يَلُوْطُ‍: إذا أصلحه بالمُدر لئلا يخرج الماء. والفاحشة فِي غير هذا الموضع الَّذِي قال اللَّه تعالى: {واللاتي يَأْتِيْنَ الفَاحِشَةَ}. الزِّنا وسَمِعْتُ بعضَ النَّحويين، يَقُولُ: اللُّوطِيُّ هذا المَفعول بِهِ، لأنَّه يلصق فِي الأرض، وسُمي الفاعل أيضًا للصوقه بالمفعول بِهِ، لأنَّه يلصق فِي الأرض، وسُمي الفاعل أيضًا للصوقه بالمفعول وفي جزءٍ آخر يقتل الفاعل والمفعول. وكذلك من أَتى بهيمةً حُدَّ وذُبحت البهيمة؛ لأنَّ بني فَزارة خاصةً كانوا يأتون النُّوق، فولدت مرةً ناقةٌ بإنسانٍ، فقال شاعِرُهُم:

<<  <   >  >>