للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقرأَ النَّاسُ كلُّهم: «وَلَا تَأْخُذْكُمْ» بالتاءِ إلا أبا عَبْد الرّحمن السُّلميّ فإنه قَرَأَ «وَلَا يَأخُذْكُمْ» بالياء. فمَن أنَّثَ فَلِتأنيثِ الرَّأفةِ لَفْظًا. ومن ذكر فلأنَّ تأنيثَها غيرُ حقيقي.

وسَمِعْتُ ابنُ عَرَفَةَ، يَقُولُ: الرَّأفةُ رِقَّةُ الرَّحمةِ، واعلم أن الرآفة بالمدّ: لغةٌ لا قراءةٌ، إلَّا ما ذكرتُهُ، عَنْ ابنِ جُرَيْجٍ.

وقولُه تَعَالى: {فشهادة أحدهم أربع شهادات بِاللهِ}.

قرأ حمزةُ، والكِسَائِيُّ، وحفصٌ، عَنْ عاصمٍ «أَرْبَعُ» بالرَّفعِ، جعلوه خبرَ الابتداء، والمبتدأ «فَشَهَادَةُ».

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَنْ رَفَعَ فقد لَحَنَ؛ لأنَّ الشَّهادة واحدةٌ. وقد أخبر عَنْهَا بجمعٍ.

ولا يَجوزُ هذا كَمَا لا يجوزُ زيدٌ إخوتُكَ. وغَلِطَ‍، لأنَّ الشهادةَ وإن كانت واحدةً فِيْ اللَّفظِ‍ فمعناها الجَمْعُ، وهذا كقولِهِ صلاتِي أجمعين، وصَوْمِي شَهْرٌ.

وقرأ الباقون: أَرْبَعَ بالنَّصب، جعلوهُ مفعولًا، أي: تَشهد أربعَ شهاداتٍ.

وقولُه تَعَالى: {والخامسة أن لعنت اللهِ عَلَيْهِ}، و {أنَّ غَضَبَ اللهِ}.

قرأن نافعٌ وحده بتخفيف «أن» و «لَعْنَةٌ» رفعٌ بالابتداء، وغضب فعل ماض.

واسمُ الله تَعَالى رفعٌ بفعله.

وقرأ الباقون بتَشديدِ «أنَّ» ونصبِ الغَضَبِ واللَّعْنَةِ.

ومعنى هَذِهِ الآية أن مَن قَذَفَ محصنَةً مسلِمةً بفاحشةٍ فلم يأتِ بأربعةِ شُهداء جُلِدَ ثمانين، ومَن رمى امرأته بفاحشةٍ تَلَاعَنَا. والمُلاعنة: أن يبدأ الرَّجُلُ فيحلف بالله الذي لا إله إلا هو أَنَّهُ صادِقٌ فيما رَماها بِهِ، ويشهد الخامسةُ أنَّ لعنةَ الله عَلَيْهِ إن كان من الكاذِبين فيما رمَاها بِهِ، وتَشهد المرأة أربعُ شهاداتٍ بالله إنه من الكاذبين فيما رماها بِهِ، وتشهد الخامسة أنَّ غَضَبَ الله عليها إن كان من الصادقين. ثُمَّ يفرق بينهما فلا يجتمعان أَبدًا.

فأمَّا مَنْ قذف مُسلمة فلا تُقبَلُ شهادته أَبَدًا. ويقبل الله توبته. وَقَالَ آخرون: تقبل شهادته إن كان الله قد قبل توبته. فيجعل الاستثناء فِيْ قوله: {أولئك هُمْ الفاسِقُون}.

{إلّا الَّذِيْنَ تابوا} استثناءً متصلًا. وقرأ حفصٌ وحده، والخامِسَةَ بالنَّصب عَلَى تأويل.

وتشهد الخامسةَ.

والباقون يرفعون عَلَى الابتداء والخبر.

<<  <   >  >>