للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مكَّة.

وقرأ الباقون «أَوَ لَمَ يَرَ» بواوٍ والألف التي قبل الواو ألف تَوْبِيْخٍ، وتقريرٍ، ومعنى إن السماوات والأرض كانتا رتقًا، أي: مُتلاصقة، فجَعلها الله سبع سماوات، وشقَّ الأرض سبعًا، غِلَظُ‍ كلِّ سماءٍ مسيرةُ خمسمائة عامٍ. وقيل: كانتا رَتْقًا ففتقناهما أي: فتقنا السَّماءَ بالمَطَرِ، والأرضَ بالنباتِ.

وقولُه تَعَالى: {وإنْ كانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ من خَرْدَلٍ}.

قرأ نافعٌ وحدَه «مِثْقَالُ حَبَّةٍ» بالرَّفع جعل كان بمعنى حَدَثَ ووقع ولا خبر لها، كما قَالَ: «إلَّا أن تكُونَ تِجَارَةٌ»، أي: لا أن تقع تجارةٌ.

وقرأ الباقون بالنَّصب خبر كان، والاسمُ مضمرٌ، والتقدير، فلا تُظلم نفسٌ شيئا إن كان السيئ مثقالَ حبةٍ أتينا بها: جئنا بها.

فإن قيل لك: فإن المِثقال مذكرٌ فلم قَالَ: «بها»، ولم يقل به؟ فقال: لأن مثال الحبَّة هي الحبة، ووزنها، كما قرأ الحسن: «تَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ» لأنَّ بعضَ السَّيارة من السَّيارة.

وقرأ مجاهد - فيما حدّثني ابن مجاهد، عن السُمَّريَّ، عن الفراء - أن مجاهدًا قرأ - «آتينا بها» ممدودًا أي: جازينا.

وقولُه تَعَالى: {وَضِيَاءً وذِكْرًا}.

قرأ ابنُ كثيرٍ - في رواية قنبل - «ضِئاءً» بهمزتين. وقد ذكرتُ علته في سورة «يونس»، فسألت ابنُ مجاهد ما وزن قنبل، قَالَ: فنعل، ولم يدر اشتقاقه، وسألت أبا عُمر، قَالَ: يقال قَنْبَلَ الرَّجُلُ: إذا أوقدَ القُنْبُلَ، وهو شَجَرٌ، وقَنْبَلَ الرَّجُلُ إذا صارت له قُنْبُلَةٌ أي: أصحاب بعد أن كان واحدًا.

فأمَّا الواو في قوله: «وضيآءً» فقال الفراء: الواو زائدةً، والتقدير: ولقد آتينا موسى وهارون الفُرقان ضِيَاءً، فيكون نصبًا على الحال.

وقال البَصريُّون: الواوُ نسقٌ وليس زائدًا، فمعناه: أعطيناهما التوراة التي فرقت بين الحق والباطل، وأعطيناه ضياءً وذكرًا، وشاهدٌ بهذا القول قوله: «فيها هُدًى ونُورٌ» والنُّور هو الهُدَى.

<<  <   >  >>