للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَقَوْلِهِ: إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُهُمْ أَيْ: رُجُوعُكُمْ، وَ {يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ} أَيِ:

الْحَيْضِ، وَقَوْلُهُ: {وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا}. فَهَذَا مَصْدَرٌ وَرُبَّمَا جَاءَ عَلَى الْمَعِيشِ مِثْلَ الْمَحِيضِ قَالَ رُؤْبَةُ:

إِلَيْكَ أَشْكُو شِدَّةَ الْمَعِيشِ ... وَمُرَّ أَعْوَامٍ نَتَفْنَ رِيشِي

قَالَ الْفَرَّاءُ: إِذَا كَانَ الْفِعْلُ لَامُهُ وَاوًا أَوْ ياء نحو يدعو جَاءَ الْمَصْدَرُ وَالْمَكَانُ بِالْفَتْحِ:

الْمَدْعَى وَالْمَقْضَى.

وَحَدَّثَنِي ابن مجاهد عن السمري عن الفراء، قال: جَاءَ حَرْفَانِ نَادِرَانِ مَأْقَى الْعَيْنِ وَالْمَأْوَى، يُرِيدُونَ: الْمَاوَى فَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: يُقَالُ مُوَقُ الْعَيْنِ وَمَاقُ الْعَيْنِ، وَمَأْقَى الْعَيْنِ، وَمَاقَى الْعَيْنِ، وَقَالَ سِيبَوَيْهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنَّمَا قَالُوا: الْمَصِيفُ فَكَسَرُوا وَقَالُوا:

الْمَشْتَى فَفَتَحُوا، لِأَنَّ هَذَا مِنْ صَافَ يَصِيفُ، وَهَذَا مِنْ شَتَا يَشْتُو قَالَ الْفَرَّاءُ، رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ: فَإِذَا كَانَ الْفِعْلُ عَيْنُهُ يَاءٌ مِثْلَ كَالَ يَكِيلُ، وَمَالَ يَمِيلُ، وَبَاعَ يَبِيعُ قُلْتَ فِي الْمَصْدَرِ مِنْهُ: مَالَ مَمَالًا، وَكَالَ مَكَالًا، وَبَاعَ مَبَاعًا، وَفِي اسْمِ الْمَكَانِ وَالزَّمَانِ: مَمِيلًا وَمَكِيلًا وَمَبِيعًا، فَهَذَا أَصْلٌ لِمَا يَرِدُ عَلَيْكَ فَتَأَمَّلْهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

- وَقَوْلُهُ تعالى: {فلا تسئلني}.

قرأ ابن عامر: «تسألني».

والباقون: «تسألن» وَقَدْ ذَكَرْتُ عِلَّتَهُ فِي هُودٍ.

- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا}.

قَرَأَ حَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ بِالْيَاءِ وَرَفْعِ الأهل، لأنهما جعلاهما الْفَاعِلَيْنِ.

وَقَرَأَ الْبَاقُونَ: «لِتُغْرِقَ» فَهَذَا خِطَابُ مُوسَى لِلْخِضْرِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، وَنَصَبُوُا الْأَهْلَ، لِأَنَّهُمْ مَفْعُولُونَ، وَالْأَهْلُ تُجْمَعُ عَلَى جَمْعِ السَّلَامَةِ أَهْلُونَ وَأَهْلِينَ «إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ وَخَاصَّتُهُ» وقوله تعالى: {قوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} الْأَصْلُ: أَهْلِينَكُمْ فَسَقَطَتِ النُّونُ لِلْإِضَافَةِ، وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَجْمَعُ أَهْلًا أَهَلَاتٌ قَالَ الشَّاعِرُ:

فَهُمْ أَهَلَاتٌ حَوْلَ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ ... إِذَا دَلَجُوا بِاللَّيْلِ يَدْعُونَ كَوْثَرَا

وَالصَّوَابُ: أَنْ تُجْعَلَ «أَهَلَاتٌ» جَمْعُ أَهِلَّةٍ.

فَإِنْ سَأَلَ سَائِلٌ فَقَالَ: لِمَ قَالَ مُوسَى فِي هَذِهِ الآية: {هل أتبعك على أن تعلمن} هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي وَقْتِ مُوسَى نَبِيٌّ أَعْلَمَ مِنْ مُوسَى؟

<<  <   >  >>