شَرْطٍ يَنْجَزِمُ الْفِعْلُ بَعْدَهُ فَلَمَّا جَمَعُوا بَيْنَهُمَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَجْزِمْ فِعْلَ وَاحِدٍ وَيَرْفَعَ فَغَيَّرُوُا الْمُسْتَقْبَلَ إِلَى الْمَاضِي، لِأَنَّ الْمَاضِيَ لَا يَبِينُ فِيهِ إِعْرَابٌ فَهَذِهِ عِلَّةٌ لَطِيفَةٌ فَاعْرَفْهَا، لِأَنَّ كُلَّ مَا أَتَى فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَفِي كَلَامِ الْعَرَبِ مِنْ «لَئِنْ» فَلَا يَلِيهِ إِلَّا الْمَاضِي نَحْوَ قَوْلِهِ:
{لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ}.
- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {بِخَيْلِكَ وَرَجْلِكَ}.
قَرَأَ عَاصِمٌ فِي رِوَايَةِ حَفْصٍ «وَرَجْلِكَ» بِكَسْرِ الْجِيمِ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّامَ كُسِرَتْ عَلَامَةً لِلْجَرِّ، وَكُسِرَتِ الْجِيمُ اتِّبَاعًا لِكَسْرَةِ اللَّامِ كَمَا تَقُولُ: هَذَا شَيْءٌ مِنْتِنٌ، وَالْأَصْلُ: مُنْتِنٌ فَكَسَرُوُا الْمِيمَ لِكَسْرَةِ التَّاءِ، وَكَمَا قَرَأَ الْحَسَنُ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ».
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ: «وَرَجْلِكَ» سَاكِنُ الْجِيمِ، وَهُوَ الِاخْتِيَارُ لِأَنَّ رَجْلَكَ جَمْعُ رَاجِلٍ، فَرَاجِلٌ وَرَجْلٌ كَصَاحِبٍ وَصَحْبٍ وَشَارِبٍ وَشَرْبٍ وَتَاجِرٍ وَتَجْرٍ، وَقَاتِلٍ وَقَتْلٍ وَسَافِرٍ وسفر ويائس ويأس.
- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ}، {أَنْ يُعِيدَكُمْ}.
قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو كُلُّ ذَلِكَ بِالنُّونِ.
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْيَاءِ، فَالنُّونُ إِخْبَارُ اللَّهِ عَزَّ اسْمُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَمَنْ قَرَأَ بِالْيَاءِ، فَمَعْنَاهُ:
أَنَّ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُخْبِرُ عَنِ اللَّهِ، وَالْأَمْرُ بَيْنَهُمَا قَرِيبٌ.
وَفِي هَذِهِ الْأَيَةِ حَرْفَانِ: قَرَأَ أَبُو عَمْرٍو وَابْنُ كَثِيرٍ فِي رِوَايَةِ عَبْدٍ «فَنُغْرِقُكُمْ» مُدْغَمًا.
وَالْبَاقُونَ يُظْهِرُونَ، وَهُوَ الِاخْتِيَارُ، لِاخْتِلَافِ الْحَرْفِ وَلِسُكُونِ الْغَيْنِ وَفِيهَا أَيْضًا: «أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ» مُدْغَمًا رَوَاهُ أَبُو الْحَارِثِ عَنِ الْكِسَائِيِّ لِقُرْبِ الْفَاءِ من الباء.
وَالْبَاقُونَ يُظْهِرُونَ وَهُوَ الِاخْتِيَارُ، لِأَنَّ الْبَاءَ تَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الشَّفَتَيْنِ، وَالْفَاءَ مِنْ بَاطِنِ الشَّفَةِ السُّفْلَى وَالثَّنَايَا الْعُلْيَا.
- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى}.
قَرَأَ أَهْلُ الْكُوفَةِ بِالْإِمَالَةِ فِيهِمَا إِلَّا حَفْصًا فَإِنَّهُ فَتَحَهُمَا، لِأَنَّ الْيَاءَ مُتَطَرِّفَةٌ وَهُوَ رُبَاعِيٌّ فَأَمَالُوا ذَلِكَ، وَالْعَرَبُ قَدْ تُمِيلُ ذَوَاتِ الْوَاوِ إِذَا كَانَ رُبَاعِيًّا نَحْوَ قَوْلِهِ: {أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى} فَكَيْفَ بِذَوَاتِ الْيَاءِ.
وَقَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ عَامِرٍ بِالتَّفْخِيمِ فِيهِمَا، وَحُجَّتُهُمْ: أَنَّ الْيَاءَ فِيهِمَا قَدْ