أَنَّهُ جَعَلَ «يَوْمَ» مَعَ: «إِذٍ» بِمَنْزِلَةِ اسْمَيْنِ جُعِلَا اسْمًا وَاحِدًا كَقَوْلِكَ: خَمْسَةَ عَشَرَ فَفَتَحَهُ لِذَلِكَ.
وَالْحُجَّةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّ الْإِضَافَةَ لَا تَصِحُّ إِلَى الْحُرُوفِ وَلَا إِلَى الْأَفْعَالِ، فَلَمَّا كَانَتْ إِضَافَةُ «يَوْمَ» إِلَى «إِذٍ» غَيْرَ مَحْضَةٍ فَتَحَ.
وذلك أنه فِي أَسْمَاءِ الزَّمَانِ مُطَّرِدٌ شَائِعٌ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {هَذَا يَوْمَ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} كَذَلِكَ قَرَأَهَا نَافِعٌ نَصْبًا، لِأَنَّ إِضَافَةَ «يَوْمَ» إِلَى «يَنْفَعُ» غير محضة قَالَ الشَّاعِرُ:
عَلَى حِينَ عَايَنْتُ الْمَشِيبَ عَلَى الصِّبَا ... وَقُلْتُ أَلَمَّا أَصْحُ وَالشَّيْبُ وَازِعُ
وَقَرَأَ الْكِسَائِيُّ الْحَرْفَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ مَنْصُوبًا غَيْرَ مُنَوَّنٍ.
وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَعَاصِمٌ: «مِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ» وَ «مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ» إِلَّا أَنَّ مَنْ نَوَّنَ «مِنْ فَزَعٍ» نَصَبَ يَوْمَئِذٍ.
وَرَوَى قَالُونٌ، عَنْ نَافِعٍ ثَلَاثَهُمَا مَنْصُوبَةً غَيْرَ مُنَوَّنَةٍ.
وَرَوَى غَيْرُهُ عَنْهُ مِثْلَ أَبِي عَمْرٍو.
وَيَجِبُ عَلَى الْقَارِئِ إِذَا لَفَظَ بِقَوْلِهِ: «وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ» أَنْ يُشْبِعَ كسرة الياء الأولى بعد سكون الزاي لمجيء الْيَاءِ الثَّانِيَةِ، لِأَنَّ فِي إِخْرَاجِهَا كُلْفَةً.
فَإِنْ سَأَلَ سَائِلٌ: أَلَمْ تَخْتَلِفِ الْقُرَّاءُ فِي قَوْلِهِ: {وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ} وَنَظِيرُهُ مِنَ الْقُرْآنِ.
فَالْجَوَابُ فِي ذَلِكَ: أَنَّ الظُّرُوفَ مَنْصُوبَةٌ كُلُّهَا، لِأَنَّهَا مَفْعُولَاتٌ فِيهَا، وَإِنَّمَا يُكْسَرُ بَعْضُهَا إِذَا دَخَلَ عَلَيْهَا حَرْفُ جَرٍّ، كَقَوْلِكَ: رَكِبْتُ الْيَوْمَ عِنْدَكَ، ثُمَّ تَقُولُ: رَكِبْتُ فِي الْيَوْمِ مِنْ عِنْدِكَ، فَكَذَلِكَ «مِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ» وَإِنَّمَا جَازَ فَتْحُهَا لِمَا ذَكَرْتُ، فَقَوْلُهُ: {وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ} مَنْصُوبٌ، لِأَنَّهُ لَيْسَ قَبْلَهُ مَا يُضَافُ إِلَيْهِ فَاعْرَفْ ذَلِكَ.
- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {أَلَا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ}.
قَرَأَ حَمْزَةُ وَعَاصِمٌ فِي رِوَايَةِ حَفْصٍ بِتَرْكِ التَّنْوِينِ فِي جَمِيعِ الْقُرْآنِ، جَعَلَاهُ اسْمًا لِقَبِيلَةٍ، فَلَمَّا اجْتَمَعَتْ عِلَّتَانِ: التَّعْرِيفُ وَالتَّأْنِيثُ امْتُنِعَ مِنَ الصَّرْفِ.
وَقَرَأَ عَاصِمٌ فِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ: «أَلَا إِنَّ ثَمُودًا» مُنَوَّنًا «وَعَادًا وَثَمُودًا وَأَصْحَابَ الرَّسِّ» وَكَذَلِكَ فِي الْعَنْكَبُوتِ: «وثَمُودًا وَقَدْ تَبَيَّنَ» مُنَوَّنَاتٍ، وَاخْتَلَفَ فِي آخِرِ