للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّ السِّلْمَ الصُّلْحُ مُذَكَّرٌ، وَالسِّلْمُ الدَّلْوُ مُؤَنَّثٌ، فَلِمَ قَالَ: {فَاجْنَحْ لَهَا} وَلَمْ يَقُلْ فَاجْنَحْ لَهُ.

فَالْجَوَابُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْهَاءَ تَعُودُ عَلَى الْجَنْحَةِ، لِأَنَّ الْفِعْلَ يَدُلُّ عَلَى مَصْدَرِهِ كَمَا قَالَ: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ} أَيْ: وَإِنَّ الِاسْتِعَانَةَ لَكَبِيرَةٌ، كَمَا تَقُولُ الْعَرَبُ، مَنْ كَذَبَ كَانَ شَرًّا لَهُ، مَعْنَاهُ: كَانَ الْكَذِبُ شَرًّا لَهُ، وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِنَّ الْهَاءَ تَعُودُ عَلَى الصَّلَاةِ.

- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوُا الْمَلَائِكَةُ}.

قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ «إِذْ تَتَوَفَّى» بِتَاءَيْنِ.

وَالْبَاقُونَ بِيَاءٍ وَتَاءٍ، وَالْأَمْرُ بَيْنَهُمَا قَرِيبٌ، وَذَلِكَ أَنَّكَ تُرِيدُ جَمَاعَةَ الْمَلَائِكَةِ كَمَا تَقُولُ: قَالَ الرِّجَالُ وَقَالَتِ الرِّجَالُ، وَ {فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ} وَ «فَنَادَاهُ الْمَلَائِكَةُ» كُلُّ ذَلِكَ صَوَابٌ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ} فَإِنَّهُ أَرَادَ: تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ فَحَذَفَ إِحْدَى التَّاءَيْنِ.

وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ «الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ» بِتَشْدِيدِ التَّاءِ، أَرَادَ: تَتَوَفَّاهُمُ فَأَدْغَمَ فَإِجْمَاعُهُمْ عَلَى هَذَا شَاهِدٌ لِابْنِ عَامِرٍ، غَيْرَ أَنَّ الْبَاقِينَ يَحْتَجُّونَ بِأَنَّ هَذَا قَدْ حَجَزَ بَيْنَ الِاسْمِ وَالْفِعْلِ بِحَاجِزٍ.

- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ يكن منكم مائة يغلبوا ألفا}.

«فإن يكن مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ».

قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَنَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ كِلَيْهِمَا بِالتَّاءِ.

وَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو الثَّانِيَةَ بِالتَّاءِ.

وَقَرَأَ الْبَاقُونَ كِلَيْهِمَا بِالْيَاءِ، فَمَنْ أَنَّثَ فَلِتَأْنِيثِ الْمِائَةِ، وَمَنْ ذَكَّرَ فَلِأَنَّ الْمِائَةَ وَقَعَتْ عَلَى عَدَدِ الْمُذَكَّرِ، وَلِأَنَّ تَأْنِيثَهَا غَيْرُ حَقِيقِيٍّ وَقَدْ مَرَّ شِبْهُ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ.

فَأَمَّا أَبُو عَمْرٍو فَإِنَّهُ أَتَى بِاللُّغَتَيْنِ جَمِيعًا لِيُعْلَمَ أَنَّ هَذِهِ جَائِزَةٌ وَهَذِهِ جَائِزَةٌ.

<<  <   >  >>