للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدثوا ما أحدثوا، فما عثروا عليه قالوا: والله ما كان (سليمان) (١) إلا بهذا، فأفشوا السحر في الناس، (فتعلموه وعلموه) (٢)، فليس هو في أحد أكثر منه في اليهود لعنهم الله، فلما ذكر رسول الله - فيما نزل عليه من الله - سليمان بن داود، وعده فيمن عد من المرسلين، قال من كان بالمدينة من (يهود) (٣): ألا تعجبون من محمد؟! يزعم أن ابن داود كان نبيًا، والله ما كان إلا ساحرًا؛ وأنزل الله في ذلك من قولهم: ﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا﴾ الآية.

وقال ابن جرير (٤): حدثنا القاسم، حدثنا حسين، حدثنا حجاج، عن أبي بكر، عن شهر بن حوشب؛ قال: لما سلب سليمان ملكه كانت الشياطين تكتب السحر في غيبة سليمان؛ فكتبت: من أراد أن يأتي كذا وكذا فليستقبل الشمس، وليقل كذا وكذا. ومن أراد أن يفعل كذا وكذا فليستدبر الشمس، وليقل كذا وكذا. فكتبته وجعلت عنوانه: هذا ما كتب آصف بن برخيا للملك سليمان بن داود من ذخائر كنوز العلم؛ ثم دفنته تحت كرسيه. فلما مات سليمان قام إبليس - لعنه الله - خطيبًا، فقال: يا أيها الناس؛ إن سليمان لم يكن نبيًا، إنما كان ساحرًا، فالتمسوا سحره في متاعه وبيوته؛ ثم دلهم على المكان الذي دفن فيه؛ فقالوا: والله لقد كان سليمان ساحرًا، هذا سحره، بهذا تعبدنا، وبهذا قهرنا. فقال المؤمنون: بل كان نبيًا مؤمنًا.

فلما بعث الله النبي (محمدًا) (٥) (جعل يذكر الأنبياء) (٦) (حتى) (٧) ذكر داود وسليمان؛ فقالت اليهود: انظروا إلى محمد يخلط الحق بالباطل، يذكر سليمان مع الأنبياء؛ إنما كان ساحرًا يركب الريح؛ فأنزل الله تعالى: ﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ … ﴾ الآية.

وقال ابن جرير (٨): حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني، حدثنا المعتمر بن سليمان؛ قال: سمعت عمران بن (حدير) (٩)، عن أبي مجلز؛ قال: أخذ سليمان من كل دابة عهدًا، فإذا (أصيب رجل) (١٠) فسأل بذلك العهد خلي عنه، (فزاد) (١١) الناس السجع والسحر؛ فقالوا: هذا يعمل به سليمان (بن داود (١٢)؛ فقال الله تعالى: ﴿وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ﴾.


(١) في حاشية (ن): "ملك سليمان".
(٢) ساقط من (ز).
(٣) في (ن): "اليهود".
(٤) أخرجه ابن جرير (١٦٦٦) من طريق حجاج بن محمد الأعور، عن أبي بكر، عن شهر بن حوشب به. وسنده ضعيف جدًّا. وأبو بكر هو الهذلي كذبه ابن معين في رواية، وقال النسائي: "ليس بثقة" وتركه الدارقطني وغيره. وقال ابن حبان: "يروى عن الأثبات الأشياء الموضوعات".
(٥) من (ن) و"تفسير الطبري".
(٦) من (ك) و"تفسير الطبري".
(٧) وقع في (ج) و (ل) و (ن) و (ى): "حين".
(٨) في "تفسيره" (١٦٦١) وسنده صحيح.
(٩) في (ن) و (ك): "جرير" وهو تصحيف.
(١٠) في (ج) و (ض) و (ع) و (ل) و (ى): "تصيب رجلًا".
(١١) كذا في سائر "الأصول"؛ وفي "تفسير الطبري": "فرأى" وصوبها الشيخ محمود شاكر.
(١٢) من (ن).