للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا الذي قاله فيه نظر. والحق أن المراد مصر من الأمصار، كما روي عن ابن عباس وغيره. والمعنى على ذلك؛ لأن موسى يقول لهم: هذا الذي سألتم ليس بأمر عزيز؛ بل هو كثير في أي بلد دخلتموها وجدتموه، فليس يساوي مع دناءته وكثرته في الأمصار أن أسأل الله فيه.

ولهذا قال: ﴿قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ﴾ أي: ما طلبتم؛ ولما كان سؤالهم هذا من باب البطر والأشر، ولا ضرورة فيه، لم يجابوا إليه. والله أعلم.

﴿وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ﴾.

يقول تعالى: ﴿وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ﴾ أي: وضعت عليهم، وألزموا بها شرعًا وقدرًا؛ أي: لا يزالون (مستذلين) (١)؛ من وجدهم استذلهم، وأهانهم، وضرب عليهم الصغار؛ وهم (مع) (٢) ذلك في أنفسهم أذلاء (مستكينون) (٣).

قال الضحاك (٤)، عن ابن عباس - (في قوله) (٥): ﴿وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ﴾ قال: هم أصحاب القبالات؛ يعني: (أصحاب) (٤) الجزية.

وقال عبد الرزاق (٦)، عن معمر، عن الحسن، وقتادة - في قوله تعالى: ﴿وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ﴾ قالا: يعطون الجزية عن يد وهم صاغرون.

وقال الضحاك (٧): وضربت عليهم الذلة - قال: الذل.

وقال الحسن (٨): أذلهم الله فلا منعة لهم، وجعلهم تحت أقدام المسلمين؛ ولقد أدركتهم هذه الأمة وإن المجوس لتجبيهم الجزية.

وقال أبو العالية (٩)، والربيع بن أنس، والسدي (١٠): المسكنة: الفاقة.


(١) إلى هنا وانقطعت النسخة (هـ) إلى آخر سورة البقرة.
(٢) ساقط من (ج).
(٣) كذا في (ن)؛ وفي (ج) و (ك) و (ى): "مستكينين"؛ وفي (ض): "متمسكنين"؛ وفي (ز): "متمسكنون"؛ وفي (ل): "مستذلين".
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم (٦٢٦) من طريق محمد بن القاسم الأسدي، عن عبيد بن طفيل الطفاوي، أبي سيدان، عن الضحاك، عن ابن عباس. وسنده واه جدًّا. ومحمد بن القاسم ساقط والضحاك لم يسمع من ابن عباس.
(٥) ساقط من (ن).
(٦) أخرجه ابن جرير (١٠٨٨)؛ وابن أبي حاتم (٦٢٧) من طريق عبد الرزاق وهذا في "تفسيره" (١/ ٤٧). [وسنده صحيح].
(٧) أخرجه ابن أبي حاتم (٦٢٨) وسنده ضعيف جدًّا. وفي سنده جويبر وهو ساقط.
(٨) أخرجه ابن أبي حاتم (٦٢٩) وسنده جيد.
(٩) أخرجه ابن جرير (١٠٨٩)؛ وابن أبي حاتم (٦٣١) وسنده حسن.
(١٠) أخرجه ابن جرير (١٠٩٠) وسنده حسن.