للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكانوا قومًا أهل أعداس وبصل (وبقول) (١) وفوم؛ فقالوا: ﴿وَإِذْ قُلْتُمْ يَامُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا﴾ (٢) [وإنما قالوا على طعام واحد، وهم يأكلون المن والسلوى؛ لأنه لا (يتبدل) (٣) ولا يتغير كل يوم؛ فهو مأكل واحد] (٤).

فالبقول والقثاء والعدس والبصل كلها معروفة.

وأما الفوم فقد اختلف السلف في معناه؛ فوقع في قراءة (٥) ابن مسعود؛ "وثومها" بالثاء.

وكذا فسره مجاهد (٦) في رواية ليث بن أبي سليم عنه بالثوم. وكذا الربيع (٧) بن أنس، وسعيد بن جبير.

وقال ابن أبي (٨) حاتم: حدثنا أبي، حدثنا عمرو بن رافع، حدثنا أبو عمارة يعقوب بن إسحاق البصري، عن يونس، عن الحسن في قوله: (﴿وَفُومِهَا﴾)؛ قال: قال ابن عباس: الثوم. قال: وفي اللغة القديمة: فوِّموا لنا بمعنى اختبزوا.

وقال ابن جرير (٩): فإن كان ذلك صحيحًا فإنه من الحروف المبدلة؛ كقولهم: وقعوا في عاثور شر وعافور شر، وأثافي وأثاثي، ومغافير ومغاثير، وأشباه ذلك مما تقلب الفاء ثاءً والثاء فاءً لقرب مخرجيهما. والله أعلم.

وقال آخرون: الفوم: الحنطة، وهو البر الذي يعمل منه الخبز.

قال ابن أبي (١٠) حاتم: حدثنا يونس بن عبد الأعلى قراءةً، أنبأنا ابن وهب قراءةً، حدثني


(١) في (ن): "بقل".
(٢) [أخرجه ابن أبي حاتم بسند جيد من طريق عباد بن منصور عن الحسن البصري].
(٣) في (ج): "يبدل".
(٤) ساقط من (ح) و (ز) و (هـ).
(٥) ذكرها ابن جرير (٢/ ١٣٠ - شاكر) بصيغة التمريض فقال: "وذكر أن ذلك قراءة عبد الله بن مسعود: "ثومها"" بالثاء، فإن كان ذلك صحيحًا، فإنه من الحروف المبدلة، كقولهم: وقعوا في عاثور شر، وعافور شر، وكفولهم: للأثافي، أثاثي؛ وللمغافير: "مغاثير، وما أشبه ذلك مما تقلب الثاء فاءً، والفاء ثاءً، لتقارب مخرج الفاء مخرج الثاء … ". اهـ. ولم تصح هذه القراءة عن ابن مسعود، وذكرها سعيد بن منصور في "تفسيره" (١٩١)؛ وابن أبي داود في "المصاحف" (ص ٥٦) بسندين معضلين إلى ابن مسعود وهذه القراءة التي نسبها ابن جرير إلى ابن مسعود لم يقرأ بها أحد من أصحاب القراءات المتواترة. والله أعلم.
(٦) أخرجه ابن جرير (١٠٧٧). وليث بن أبي سليم ضعيف.
(٧) أخرجه ابن جرير (١٠٧٨) وشيخ ابن جرير: المثنى بن إبراهيم لم أجد له ترجمة. والله أعلم.
(٨) أخرجه ابن أبي حاتم (٦١٩) ورجاله موثقون؛ إلا أنه منقطع بين الحسن وابن عباس.
(٩) في "تفسيره" (٢/ ١٣٠ - شا كر).
(١٠) في "تفسيره" (٦١٨).
وأخرجه ابن جرير (١٠٧٦) من طريق عبد العزيز بن منصور، عن نافع بن أبي نعيم عن ابن عباس وأخرجه الطبراني في "الكبير" (ج ١٠/ رقم ١٠٥٩٧) من طريق جويبر، عن الضحاك بن مزاحم الهلالي قال: خرج نافع بن الأزرق ونجدة بن عويمر في نفر من رؤوس الخوارج لينقروا عن العلم ويطلبوه، حتى قدموا مكة فإذا هم بعبد الله بن عباس، فذكر صحيفة من أسئلتهم له وفيها هذا القدر. والوجه الأول منقطع بين نافع بن أبي نعيم وابن عباس. والوجه الثاني ساقط، لأن جويبرًا هالك. والله أعلم. [وأخرجه نافع بن أبي نعيم متصلًا عن عبد الرحمن الأعرج عن ابن عباس. تفسير نافع بن أبي نعيم بتحقيق حكمت بشير ص ٤٥].