للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال الله: لأطعمنهم من أقل لحم يعلم في الأرض، فأرسل عليهم ريحًا، فأذرت عند مساكنهم السلوى، وهو السماني، مثل ميل في ميل قيد رمح في السماء، فخبأوا للغد، فنتن اللحم، وخنز الخبز.

وقال السدي (١): لما دخل بنو إسرائيل التيه قالوا لموسى : كيف لنا بما ها هنا؟ أين الطعام؟ فأنزل الله عليهم المن، فكان (يسقط) (٢) على (الشجر) (٣) (الزنجبيل) (٤) والسلوى، وهو طائر يشبه السماني أكبر منه؛ فكان يأتي أحدهم فينظر إلى الطير، فإن كما سمينًا ذبحه وإلا أرسله؛ فإذا سمن أتاه فقالوا: هذا الطعام، فأين الشراب؟ فأُمر موسى فضرب بعصاه الحجر، فانفجرت منه اثنتا عشرة عينًا، فشرب كل سبط من عين، فقالوا: هذا الشراب، فأين الظل؟ فظلل عليهم الغمام، فقالوا: هذا الظل، فأين اللباس؟ فكانت ثيابهم تطول معهم كما يطول الصبيان، ولا (يتخرق) (٥) لهم ثوب؛ فذلك قوله تعالى: ﴿وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى﴾ وقوله: ﴿وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ﴾ (الآية) (٦) [البقرة: ٦٠].

وروي عن وهب (٧) بن منبه، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم نحو ما قاله السدي.

وقال سنيد (٨)، عن حجاج، عن ابن جريج؛ قال: قال ابن عباس: خلق لهم في التيه ثياب لا (تخرق) (٩) ولا تدرن.

قال ابن جريج: (وكان) (١٠) الرجل إذا أخذ من المن والسلوى فوق طعام يوم فسد إلا أنهم كانوا يأخذون في يوم الجمعة طعام يوم السبت فلا يصبح فاسدًا.

[قال ابن (١١) عطية: السلوى طير بإجماع المفسرين؛ وقد غلط الهذلي في قوله: إنه العسل، وأنشد في ذلك مستشهدًا:

وقاسمها بالله جهدًا لأنتم … ألذ من السلوى إذا ما (أشورها (١٢))

قال: فظن أن السلوى عسلًا] (١٣).


(١) أخرجه ابن جرير (٩٩١) بسند حسن. واختصره المصنف.
(٢) في (ن): "ينزل".
(٣) في (ل) و (ن): "شجر".
(٤) في "تفسير ابن جرير": "الترنجيبين" وأشار المحقق إلى أنه وقع في "مخطوطة ابن جرير" أن الكلمة "الزنجبيل" وكذلك وقعت الكلمة هكذا في كل أصول "تفسير ابن كثير" نقلًا عن "ابن جرير" مما يدل على صحتها، وأن ما اختاره المحقق حفظه الله ضعيف والله أعلم.
(٥) كذا في (ج) و (ل) و (ن) و (ى)؛ وفي (ز) و (ض) و (ك) و (هـ): "ينخرق".
(٦) من (ن).
(٧) أخرجه ابن جرير (٩٩٥) مطولًا.
(٨) أخرجه ابن جرير (٩٩٧) وسنده ضعيف لإعضاله.
(٩) في (ل): "تخلق".
(١٠) في (ز) و (ن): "فكان".
(١١) في "تفسيره" (١/ ٣٠٥) وقد اختصر المصنف عبارته.
(١٢) كذا في سائر "الأصول"؛ وفي "تفسير ابن عطية" و "القرطبي": "نشورها" بنون في أوله. وفي "لسان العرب" (٣/ ٢٣٥٦): "شار العسل يشوره شورًا وشيارًا وشيارة ومشارًا ومشارةً: استخرجه من الوقبة واجتناه".
(١٣) ساقط من (ز) و (ض) و (هـ).