للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

آخر ما عليه (١).

وفي رواية عنه: ﴿سَنَسِمُهُ﴾ سيما على أنفه (٢)، وكذا قال السدي.

وقال العوفي، عن ابن عباس: ﴿سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ (١٦)﴾ يقاتل يوم بدر فيخطم بالسيف في القتال.

وقال آخرون: سنسمه سمة أهل النار؛ يعني: نسوِّد وجهه يوم القيامة وعبر عن الوجه بالخرطوم وحكى ذلك كله أبو جعفر ابن جرير (٣)، ومال إلى أنه لا مانع من اجتماع الجميع عليه في الدنيا والآخرة (٤)، وهو متجه.

وقد قال ابن أبي حاتم في سورة ﴿عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (١)[النبأ]: حدثنا أبي، حدثنا أبو صالح كاتب الليث، حدثني الليث، حدثني خالد بن سعيد، عن عبد الملك بن عبد الله، عن عيسى بن هلال الصدفي، عن عبد الله بن عمرو، عن رسول الله أنه قال: "إن العبد يكتب مؤمنًا أحقابًا ثم أحقابًا ثم يموت والله عليه ساخط، وإن العبد يكتب كافرًا أحقابًا ثم أحقابًا ثم يموت والله عليه راضٍ، ومن مات همَّازًا لمَّازًا ملقبًا للناس كان علامته يوم القيامة أن يسمه الله على الخرطوم من كلا الشفتين" (٥).

﴿إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ (١٧) وَلَا يَسْتَثْنُونَ (١٨) فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ (١٩) فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (٢٠) فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ (٢١) أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ (٢٢) فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ (٢٣) أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ (٢٤) وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ (٢٥) فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ (٢٦) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (٢٧) قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ (٢٨) قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (٢٩) فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ (٣٠) قَالُوا يَاوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ (٣١) عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ (٣٢) كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (٣٣)﴾.

هذا مثل ضربه الله تعالى لكفار قريش فيما أهدى إليهم من الرحمة العظيمة وأعطاهم من النعمة الجسيمة، وهو: بعثة محمد إليهم، فقابلوه بالتكذيب والردِّ والمحاربة ولهذا قال تعالى: ﴿إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ﴾ أي: اختبرناهم ﴿كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ﴾ وهي: البستان المشتمل على أنواع الثمار والفواكه ﴿إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ﴾ أي: حلفوا فيما بينهم ليجذن ثمرها ليلًا لئلا يعلم بهم فقير ولا سائل، ليتوفر ثمرها عليهم ولا يتصدقوا منه بشيء ﴿وَلَا يَسْتَثْنُونَ (١٨)﴾ أي: فيما حلفوا به، ولهذا حنثهم الله في أيمانهم فقال تعالى: ﴿فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ (١٩)﴾ أي: أصابتها آفة سماوية فأصبحت كالصريم قال ابن عباس أي: كالليل الأسود (٦).


(١) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٢) هذا لفظ الطبري؛ وأخرجه عبد الرزاق والطبري بسند صحيح بلفظ: "سنسم على أنفه".
(٣) ذكره الطبري بنحوه ونسبه بقوله: وقال بعضهم.
(٤) لم أجد هذا عن الطبري.
(٥) أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط من طريق الليث به، ثم قال: لا يروى عن عبد الله بن عمرو إلا بهذا الإسناد، تفرد به الليث. (ينظر مجمع البحرين ح ٣٢٣٤).
(٦) أخرجه الطبري بسند فيه رجل مجهول.