للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بهم الرجل من أصحاب النبي جلسوا يتناجون بينهم حتى يظن المؤمن أنهم يتناجون بقتله أو بما يكره المؤمن، فإذا رأى المؤمن ذلك خشيهم فترك طريقه عليهم، فنهاهم النبي عن النجوى فلم ينتهوا وعادوا إلى النجوى، فأنزل الله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ﴾ (١). وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا إبراهيم بن المنذر الخزامي، حدثني سفيان بن حمزة، عن كثير بن زيد، عن رُبيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري، عن أبيه، عن جده قال: كنا نتناوب رسول الله نبيت عنده يطرقه من الليل أمر وتبدو له حاجة فلما كانت ذات ليلة كثر أهل النوب والمحتسبون حتى كنا أندية نتحدث، فخرج علينا رسول الله فقال: "ما هذه النجوى؟ ألم تنهوا عن النجوى؟ " قلنا: تبنا إلى الله يا رسول الله، إنا كنا في ذكر المسيح فرقًا منه. فقال: "ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي منه؟ " قلنا: بلى يا رسول الله! قال: "الشرك الخفي أن يقوم الرجل يعمل لمكان رجل" (٢). هذا إسناد غريب وفيه بعض الضعفاء.

وقوله تعالى: ﴿وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ﴾ أي: يتحدثون فيما بينهم ﴿بِالْإِثْمِ﴾ وهو ما يختص بهم ﴿وَالْعُدْوَانِ﴾ وهو ما يتعلق بغيرهم، ومنه معصية الرسول ومخالفته يصرون عليها ويتواصون بها وقوله تعالى: ﴿وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ﴾.

قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا ابن نمير، عن الأعمش، عن مسروق، عن عائشة قالت: دخل على رسول الله يهود فقالوا السام عليك يا أبا القاسم فقالت عائشة: وعليكم السام قالت: فقال رسول الله : "يا عائشة إن الله لا يحب الفحش ولا التفحش" قلت: ألا تسمعهم يقولون السام عليك؟ فقال رسول الله : "أو ما سمعت أقول وعليكم" فأنزل الله تعالى: ﴿وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ﴾ (٣). وفي رواية في الصحيح أنها قالت لهم: عليكم السام والذام واللعنة (٤)، وأن رسول الله قال: "إنه يُستجاب لنا فيهم، ولا يُستجاب لهم فينا".

وقال ابن جرير: حدثنا بشر، حدثنا يزيد، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن أنس بن مالك أن رسول الله بينما هو جالس مع أصحابه إذ أتى عليهم يهودي، فسلم عليهم فرَدُّوا عليه فقال نبي الله : "هل تدرون ما قال؟ " قالوا: سلَّم يا رسول الله. قال: "بل قال: سام عليكم" أي: تسامون دينكم. قال رسول الله : "ردُّوه" فردُّوه عليه فقال نبي الله "أقلت: سام عليكم؟ " قال: نعم، فقال رسول الله : "إذا سلَّم عليكم أحد من أهل الكتاب فقولوا: عليك" (٥). أي: عليك


(١) عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم وهو معضل.
(٢) أخرجه الإمام أحمد من طريق كثير بن زيد به (المسند ١٧/ ٣٥٤، ٣٥٥ ح ١١٢٥٢) وضعف سنده محققوه لضعف كثير بن زيد ورُبيح بن عبد الرحمن.
(٣) سنده صحيح وأخرجه مسلم من طريق مسلم أبي الضحى عن مسروق عن عائشة بنحوه (الصحيح، السلام، باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام ح ٢١٦٥).
(٤) أخرجه الشيخان بدون لفظ: والذام. (صحيح البخاري، الدعوات، باب الدعاء على المشركين ح ٦٣٩٥، وصحيح مسلم، السلام، باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام (ح ٢١٦٤).
(٥) سنده صحيح.