للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فقال رسول الله: "وما هي؟ " قال: السدر فإن له شوكًا مؤذيًا. فقال رسول الله : "أليس الله تعالى يقول: ﴿فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (٢٨)﴾؟ خضد الله شوكه فجعل مكان كل شوكة ثمرة، فإنها لتنبت ثمرًا تفتق الثمرة منها عن اثنين وسبعين لونًا من طعام، ما فيها من لون يشبه الآخر" (١).

طريق آخر:

قال أبو بكر بن أبي داود: حدثنا محمد بن المصفى، حدثنا محمد بن المبارك، حدثني يحيى بن حمزة، حدثني ثور بن يزيد، حدثني، حبيب بن عبيد، عن عتبة بن عبد السلمي قال: كنت جالسًا مع رسول الله : فجاء أعرابي فقال: يا رسول الله أسمعك تذكر في الجنة شجرة لا أعلم شجرًا أكثر شوكًا منها؛ يعني: الطلح، فقال رسول الله : "إن الله يجعل مكان كل شوكة منها ثمرة مثل خصوة التيس الملبود (٢)، فيها سبعون لونًا من الطعام لا يشبه لون الآخر" (٣).

وقوله: ﴿وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (٢٩)﴾ الطلح شجر عظام يكون بأرض الحجاز من شجر العضاه واحدته طلحة، وهو شجر كثير الشوك، وأنشد ابن جرير لبعض الحُداة:

بشرها دليلها وقالا … غدًا ترين الطلح والجبالا (٤)

وقال مجاهد: ﴿مَنْضُودٍ﴾ أي: متراكم الثمر يذكر بذلك قريشًا لأنهم كانوا يعجبون من وجّ (٥) وظلاله من طلح وسدر (٦).

وقال السدي: ﴿مَنْضُودٍ﴾ مصفود.

قال ابن عباس: يشبه طلح الدنيا، ولكن له ثمر أحلى من العسل، قال الجوهري: والطلح لغة في الطلع. قلت: وقد روى ابن أبي حاتم من حديث الحسن بن سعد، عن شيخ من همدان قال: سمعت عليًا يقول هذا الحرف في طلح منضود، قال: طلع منضود، فعلى هذا يكون من صفة السدر، فكأنه وصفه بأنه مخضود، وهو الذي لا شوك له، وأن طلعه منضود وهو كثرة ثمره (٧)، والله أعلم.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا أبو معاوية، عن إدريس، عن جعفر بن إياس، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد ﴿وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (٢٩)﴾ قال: الموز (٨)، قال وروي عن ابن


(١) أخرجه الحاكم من طريق بشر بن بكر عن صفوان بن عمرو به عن أبي أُمامة وصححه ووافقه الذهبي. (المستدرك ٢/ ٤٧٦).
(٢) أي: الخصوة الضخمة التي عند التيس المكتنز باللحم.
(٣) أخرجه الطبراني من طريق يحيى بن حمزة به (مسند الشاميين رقم ٢٩٢) وكذا أبو نعيم (الحلية ٦/ ١٠٣) قال الهيثمي: ورجال الطبراني رجال الصحيح. (مجمع الزوائد ١/ ٤١٤).
(٤) استشهد به الطبري نقلًا مصرحًا عن معمر بن المثنى (مجاز القرآن ٢/ ٢٥٠).
(٥) هو من أودية الطائف المشهورة.
(٦) أخرجه آدم والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد، والسدر هو شجر النبق.
(٧) سنده ضعيف لجهالة الشيخ الهمداني، ويتقوى بشواهده السابقة.
(٨) سنده صحيح.