للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال الثوري، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ﴾ قال: إذا أراد الرجل أن يقوم من مجلسه قال: سبحانك اللَّهم وبحمدك (١).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أبو النضر إسحاق بن إبراهيم الدمشقي، حدثنا محمد بن شعيب، أخبرني طلحة بن عمرو الحضرمي، عن عطاء بن أبي رباح أنه حدثه عن قول الله تعالى: ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ﴾ يقول حين تقوم من كل مجلس إن كنت أحسنت ازددت خيرًا، وإن كنت غير ذلك كان هذا كفارة له (٢).

وقد قال عبد الرزاق في جامعه: أخبرنا معمر، عن عبد الكريم الجزري، عن أبي عثمان الفقير، أن جبريل علم النبي إذا قام من مجلسه أن يقول: سبحانك اللَّهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، قال معمر: وسمعت غيره يقول: هذا القول كفارة المجالس (٣). وهذا مرسل، وقد وردت مسندة من طرق يقوي بعضها بعضًا بذلك، فمن ذلك حديث ابن جريج، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي أنه قال: "من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه، فقال قبل أن يقوم من مجلسه: سبحانك اللَّهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك، إلا غفر الله له ما كان في مجلسه ذلك" رواه الترمذي، وهذا لفظه والنسائي في اليوم والليلة من حديث ابن جريج، وقال الترمذي: حسن صحيح (٤)، واخرجه الحاكم في مستدركه، وقال إسناده على شرط مسلم، إلا أن البخاري علله (٥)، قلت: علله الإمام أحمد والبخاري ومسلم وأبو حاتم وأبو زرعة والدارقطني وغيرهم، ونسبوا الوهم فيه إلى ابن جريج، على أن أبا داود قد رواه في سننه من طريق غير ابن جريج إلى أبي هريرة عن النبي بنحوه (٦)، ورواه أبو داود، واللفظ له والنسائي والحاكم في المستدرك من طريق الحجاج بن دينار، عن هشام، عن أبي العالية، عن أبي برزة الأسلمي، قال: كان رسول الله يقول بآخر عمره: إذا أراد أن يقوم من المجلس "سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك". فقال رجل: يا رسول الله، إنك لتقول قولًا ما كنت تقوله فيما مضى، قال: "كفارة لما يكون في المجلس" (٧). وقد روي مرسلًا


(١) أخرجه النحاس من طريق الثوري به (الناسخ والمنسوخ ٣/ ٣٢) وسنده حسن.
(٢) سنده ضعيف جدًا لأن طلحة بن عمرو الحضرمي متروك (التقريب ص ٢٨٣).
(٣) أخرجه عبد الرزاق (المصنف ١١/ ٢٤ رقم ١٩٧٩٦) وسنده مرسل كما قرر الحافظ ابن كثير، ويتقوى بالرواية التالية:
(٤) سنن الترمذي، الدعوات، باب ما يقول إذا قام من مجلسه (ح ٣٤٢٩)، والسنن الكبرى للنسائي، عمل اليوم والليلة، باب ما يقول إذا جلس في مجلس كثر فيه لغطه (ح ١٠٢٣٠).
(٥) أخرجه الحاكم من طريق ابن جريج به ثم ذكر له شواهد تقويه (المستدرك ١/ ٥٣٦ - ٥٣٧) وهي شواهد صحيحة كما يلي.
(٦) سنن أبي داود، الأدب، باب في كفارة المجلس (ح ٤٨٥٧، ٤٨٥٨) وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (ح ٤٠٦٧).
(٧) المصدر السابق (ح ٤٨٥٩)، والسنن الكبرى، عمل اليوم والليلة (ح ١٠٢٥٩) والمستدرك ١/ ٥٣٧، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وقال الألباني: حسن صحيح (صحيح سنن أبي داود ح ٤٠٦٨).