للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأخرجه مسلم من وجه آخر عن يزيد بن أبي عبيد (١)، وكذا روى البخاري عن عباد بن تميم أنهم بايعوه على الموت (٢).

وقال البيهقي: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا أبو الفضل بن إبراهيم، حدثنا أحمد بن سلمة، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، حدثنا أبو عامر العقدي، حدثنا عبد الملك بن عمرو، حدثنا عكرمة بن عمار يمامي، عن إياس بن سلمة، عن أبيه سلمة بن الأكوع قال: قدمنا الحديبية مع رسول الله ونحن أربع عشرة مائة، وعليها خمسون شاة لا ترويها، فقعد رسول الله على جباها يعني الركي (٣)، فإما دعا وإما بصق فيها فجاشت فسقينا واستقينا. قال: ثم إن رسول الله دعا إلى البيعة في أصل الشجرة، فبايعته أول الناس ثم بايع وبايع حتى إذا كان في وسط الناس قال : "بايعني يا سلمة" قال: فقلت يا رسول الله: قد بايعتك في أول الناس قال : "وأيضًا" قال ورآني رسول الله عزلًا فأعطاني حجفة أو درقة (٤)، ثم بايع حتى إذا كان في آخر الناس، قال : "ألا تبايع يا سلمة؟ " قال: قلت يا رسول الله قد بايعتك في أول الناس وأوسطهم، قال : "وأيضًا" فبايعته الثالثة، فقال رسول الله : "يا سلمة أين حجفتك أو درقتك التي أعطيتك؟ " قال: قلت يا رسول الله لقيني عامر عزلًا فأعطيتها إياه، فضحك رسول الله ثم قال: "إنك كالذي قال الأول اللَّهمَّ ابغني حبيبًا هو أحب إلي من نفسي".

قال: ثم إن المشركين من أهل مكة راسلونا في الصلح حتى مشى بعضنا في بعض فاصطلحنا. قال: وكنت خادمًا لطلحة بن عبيد الله أسقي فرسه وأحسّه وآكل من طعامه، وتركت أهلي ومالي مهاجرًا إلى الله ورسوله، فلما اصطلحنا نحن وأهل مكة واختلط بعضنا في بعض أتيت شجرة فكَسَحت شوكها، ثم اضطجعت في أصلها في ظلها، فأتاني أربعة من مشركي أهل مكة، فجعلوا يقعون في رسول الله فأبغضتهم وتحولت إلى شجرة أخرى فعلقوا سلاحهم واضطجعوا، فبينما هم كذلك إذ نادى مناد من أسفل الوادي: يا للمهاجرين قتل ابن زُنيم! فاخترطت سيفي فشددت على أولئك الأربعة، وهم رقود، فأخذت سلاحهم وجعلته ضغثًا في يدي ثم قلت: والذي كرم وجه محمد لا يرفع أحد منكم رأسه إلا ضربت الذي فيه عيناه! قال: ثم جئت بهم أسوقهم إلى رسول الله قال: وجاء عمي عامر برجل من العبلات يقال له: مكرز من المشركين يقوده حتى وقفنا بهم على رسول الله في سبعين من المشركين، فنظر إليهم رسول الله وقال: "دعوهم يكن لهم بدء الفجور وثناه" فعفا عنهم رسول الله وأنزل الله: ﴿وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ﴾ الآية [الفتح: ٢٤] (٥)، وهكذا رواه مسلم، عن إسحاق بن إبراهيم بن راهويه بسنده نحوه أو قريبًا منه (٦).

وثبت في الصحيحين من حديث أبي عوانة، عن طارق، عن سعيد بن المسيب قال: كان أبي


(١) صحيح مسلم، الإمارة، باب استحباب مبايعة الإمام الجيش … (ح ١٨٦٠).
(٢) صحيح البخاري، الجهاد، باب البيعة في الحرب أن لا يفروا (ح ٢٩٥٩).
(٣) أي: البئر.
(٤) أي: نوع من التروس.
(٥) دلائل النبوة ٤/ ١٣٨ وأغلبه في صحيح مسلم كما يلي.
(٦) صحيح مسلم، الجهاد، باب غزوة ذي قرد وغيرها (ح ١٨٠٧).