للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله: ﴿فَاعْتِلُوهُ﴾ أي: سوقوه سحبًا ودفعًا في ظهره.

قال مجاهد: ﴿خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ﴾ أي: خذوه فادفعوه (١).

وقال الفرزدق:

ليس الكرام بناحليك أياهم … حتى تُردَّ إلى عطيَّة تُعتَلُ (٢)

﴿إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ﴾ أي: وسطها

﴿ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ (٤٨)﴾ كقوله: ﴿يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ (١٩) يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (٢٠)[الحج] وقد تقدم أن الملك يضربه بمقمعة من حديد، فتفتح دماغه ثم يصب الحميم على رأسه فينزل في بدنه، فيسلت ما في بطنه من أمعائه حتى تمرق من كعبيه، أعاذنا الله تعالى من ذلك.

وقوله تعالى: ﴿ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (٤٩)﴾ أي: قولوا له ذلك على وجه التهكم والتوبيخ.

وقال الضحاك، عن ابن عباس: أي: لست بعزيز ولا كريم (٣).

وقد قال الأموي في مغازيه: حدثنا أسباط بن محمد، حدثنا أبو بكر الهذلي، عن عكرمة قال: لقي رسول الله أبا جهل - لعنه الله - فقال: "إن الله تعالى أمرني أن أقول لك ﴿أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (٣٤) ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (٣٥)[القيامة] " قال: فنزع ثوبه من يده وقال: ما تستطيع لي أنت ولا صاحبك من شيء، ولقد علمت أني أمنع أهل البطحاء وأنا العزيز الكريم، قال: فقتله الله يوم بدر وأذله وعَيَّره بكلمته وأنزل: ﴿ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (٤٩)(٤).

وقوله: ﴿إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ (٥٠)﴾ كقوله تعالى: ﴿يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا (١٣) هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (١٤) أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ (١٥)[الطور] ولهذا قال تعالى ههنا: ﴿إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ (٥٠)﴾.

﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ (٥١) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٥٢) يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ (٥٣) كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (٥٤) يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ (٥٥) لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (٥٦) فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٥٧) فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٥٨) فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ (٥٩)﴾.

لما ذكر تعالى حال الأشقياء عطف بذكر السعداء ولهذا سمي القرآن مثاني، فقال: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ﴾ أي: لله في الدنيا ﴿فِي مَقَامٍ أَمِينٍ﴾ أي: في الآخرة وهو الجنة، قد أمنوا فيها من الموت والخروج، ومن كل هم وحزن وجزع وتعب ونصب، ومن الشيطان وكيده وسائر الآفات والمصائب

﴿فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٥٢)﴾ وهذا في مقابل ما أولئك فيه من شجرة الزقوم وشرب الحميم،

وقوله تعالى: ﴿يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ﴾ وهو رفيع الحرير كالقمصان ونحوها ﴿وَإِسْتَبْرَقٍ﴾


(١) أخرجه آدم بن أبي إياس والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٢) ديوان الفرزدق ٢/ ٧٢٢ واستشهد به الطبري.
(٣) سنده ضعيف لأن الضحاك لم يلق ابن عباس .
(٤) سنده ضعيف جدًا لأن أبا بكر الهذلي متروك (التقريب ص ٦٢٥).