للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (١١٥) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (١١٦)[المؤمنون].

ثم قال تعالى: ﴿إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ (٤٠)﴾ وهو يوم القيامة يفصل الله تعالى فيه بين الخلائق، فيعذب الكافرين ويثيب المؤمنين.

وقوله: ﴿مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ أي: يجمعهم كلهم أولهم وآخرهم

﴿يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا﴾ أي: لا ينفع قريب قريبًا كقوله : ﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ (١٠١)[المؤمنون] وكقوله: ﴿وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا (١٠) يُبَصَّرُونَهُمْ﴾ [المعارج: ١٠، ١١] أي: لا يسأل أخًا له عن حاله وهو يراه عيانًا.

وقوله: ﴿وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ﴾ أي: لا ينصر القريب قريبه ولا يأتيه نصره من خارج،

ثم قال: ﴿إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ﴾ أي: لا ينفع يومئذٍ إلا رحمة الله ﷿ بخلقه ﴿إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾ أي: هو عزيز ذو رحمة واسعة.

﴿إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ (٤٣) طَعَامُ الْأَثِيمِ (٤٤) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (٤٥) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (٤٦) خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ (٤٧) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ (٤٨) ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (٤٩) إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ (٥٠)﴾.

يقول تعالى مخبرًا عما يعذب به الكافرين الجاحدين للقائه: ﴿إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ (٤٣) طَعَامُ الْأَثِيمِ (٤٤)﴾ الأثيم أي: في قوله وفعله، وهو الكافر، وذكر غير واحد أنه أبو جهل (١)، ولا شك في دخوله في هذا الآية، ولكن ليست خاصة به.

قال ابن جرير: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا عبد الرحمن، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن همام بن الحارث، أن أبا الدرداء كان يقرئ رجلًا ﴿إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ (٤٣) طَعَامُ الْأَثِيمِ (٤٤)﴾ فقال: طعام اليتيم، فقال أبو الدرداء : قل: إن شجرة الزقوم طعام الفاجر (٢)؛ أي: ليس له طعام من غيرها.

قال مجاهد: ولو وقعت قطرة منها في الأرض لأفسدت على أهل الأرض معيشتهم (٣)، وقد تقدم نحوه مرفوعًا.

وقوله: ﴿كَالْمُهْلِ﴾ قالوا: كعكر الزيت ﴿يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (٤٥) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (٤٦)﴾ أي: من حرارتها ورداءتها.

وقوله: ﴿خُذُوهُ﴾ أي: الكافر، وقد ورد أنه تعالى إذا قال للزبانية خذوه، ابتدرَه سبعون ألفًا منهم.


(١) أخرجه الطبري بسند رجاله ثقات لكنه مرسل.
(٢) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وأخرجه الحاكم من طريق الأعمش به وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٢/ ٤٥١).
(٣) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق أبي يحيى عن مجاهد عن ابن عباس، وأبو يحيى هو القتات لين الحديث كما في التقريب، وله شاهد مرفوع يقوي تقدم ذكره.