للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال ابن جرير: حدثني ابن علية، حدثنا خالد الحذاء، عن عكرمة قال: قال ابن عباس: قال ابن مسعود: البطشة الكبرى يوم بدر وأنا أقول هي يوم القيامة (١)، وهذا إسناد صحيح عنه وبه يقول الحسن البصري وعكرمة في أصح الروايتين عنه (٢).

﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ (١٧) أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٨) وَأَنْ لَا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (١٩) وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ (٢٠) وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ (٢١) فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ (٢٢) فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (٢٣) وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ (٢٤) كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٢٥) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (٢٦) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ (٢٧) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ (٢٨) فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ (٢٩) وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ (٣٠) مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ (٣١) وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (٣٢) وَآتَيْنَاهُمْ مِنَ الْآيَاتِ مَا فِيهِ بَلَاءٌ مُبِينٌ (٣٣)﴾.

يقول تعالى: ولقد اختبرنا قبل هؤلاء المشركين قوم فرعون وهم قبط مصر ﴿وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ﴾ يعني: موسى كليمه

﴿أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ﴾ كقوله: ﴿فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى﴾ [طه: ٤٧].

وقوله: ﴿إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ﴾ أي: مأمون على ما أبلغكموه.

وقوله: ﴿وَأَنْ لَا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ﴾ أي: لا تستكبروا عن اتباع آياته والانقياد لحججه والإيمان ببراهينه كقوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غافر: ٦٠].

﴿إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ﴾ أي: بحجة ظاهرة واضحة وهي ما أرسله الله تعالى به من الآيات البينات والأدلة القاطعات.

﴿وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ (٢٠)﴾ قال ابن عباس وأبو صالح: هو الرجم باللسان (٣) وهو الشتم.

وقال قتادة: الرجم بالحجارة (٤) أي: أعوذ بالله الذي خلقني وخلقكم من أن تصلوا إلي بسوء من قول أو فعل.

﴿وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ (٢١)﴾ أي: فلا تتعرضوا لي ودعوا الأمر بيني وبينكم مسالمة إلى أن يقضي الله بيننا، فلما طال مقامه بين أظهرهم وأقام حجج الله تعالى عليهم. كل ذلك وما زادهم ذلك إلا كفرًا وعنادًا، دعا ربه عليهم دعوة نفذت فيهم كما قال تعالى: ﴿وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ


(١) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده صحيح.
(٢) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق قتادة عن الحسن البصري.
(٣) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي عن ابن عباس، ويتقوى بما أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن أبي صالح.
(٤) أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن قتادة.