للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قيامه ولهذا استدل بهذه الآية من ذهب إلى أن القنوت هو الخشوع في الصلاة وليس هو القيام وحده كما ذهب إليه آخرون.

وقال الثوري، عن فراس، عن الشعبي، عن مسروق، عن ابن مسعود أنه قال: القانت المطيع لله ولرسوله (١).

وقال ابن عباس والحسن والسدي وابن زيد: آناء الليل جوف الليل (٢).

وقال الثوري، عن منصور: بلغنا أن ذلك بين المغرب والعشاء (٣).

وقال الحسن وقتادة: آناء الليل أوله وأوسطه وآخره (٤).

وقوله تعالى: ﴿يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ﴾ أي: في حال عبادته خائف راجٍ ولا بد في العبادة من هذا وهذا وأن يكون الخوف في مدة الحياة هو الغالب ولهذا قال تعالى: ﴿يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ﴾ فإذا كان عند الاحتضار فليكن الرجاء هو الغالب عليه كما قال الإمام عبد بن حميد في مسنده: حدثنا يحيى بن عبد الحميد، حدثنا جعفر بن سليمان، حدثنا ثابت، عن أنس قال: دخل رسول الله على رجل وهو في الموت فقال له: "كيف تجدك؟ " فقال: أرجو وأخاف، فقال رسول الله : "لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه [الله] (٥) الذي يرجو وأمنه الذي يخافه" (٦). رواه الترمذي والنسائي في اليوم والليلة وابن ماجه من حديث سيار بن حاتم، عن جعفر بن سليمان (٧) به وقال الترمذي غريب، وقد رواه بعضهم عن ثابت، عن النبي مرسلًا (٨).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا عمر بن شبة، عن عبيدة النميري، حدثنا أبو خلف عبد الله بن عيسى الخراز، حدثنا يحيى البكاء أنه سمع ابن عمر يقرأ ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ﴾ قال ابن عمر: ذاك عثمان بن عفان (٩).

وإنما قال ابن عمر ذلك لكثرة صلاة أمير المؤمنين عثمان بالليل وقراءته حتى إنه ربما قرأ القرآن في ركعة كما روى ذلك أبو عبيدة عنه رضي الله تعالى عنه (١٠)، وقال الشاعر:


(١) سنده حسن.
(٢) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق أسباط عن السدي في تفسير سورة آل عمران آية ١١٣.
(٣) أخرجه الطبري من طريق عبد الرزاق عن الثوري به في تفسير سورة آل عمران آية ١١٣، وسنده بلاغًا لا يعرف مفسره.
(٤) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٥) كذا في (حم) و (مح)، وسقط لفظ الجلالة من الأصل.
(٦) أخرجه عبد بن حميد بسنده ومتنه (المنتخب رقم ١٣٧٠)، وسنده حسن.
(٧) سنن الترمذي، الجنائز، باب ١١ (ح ٩٨٣) وعمل اليوم والليلة (ح ١٠٦٢)، وسنن ابن ماجه، الزهد، باب ذكر الموت والاستعداد له (ح ٤٢٦١) وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي (ح ٧٨٥).
(٨) كذا في (حم) و (مح) وسنن الترمذي، وفي الأصل: عن ثابت عن أنس، ولا يستقيم لأن لفظ عن أنس مقحم.
(٩) سنده ضعيف لضعف أبي خلف عبد الله بن عيسى. (التقريب ص ٣١٧).
(١٠) في هذه الرواية مبالغة.