للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال قتادة: كان يتعبد في غار هناك (١) ﴿قَالَ يَاقَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ﴾ يحضُّ قومه على اتباع الرسل الذين أتوهم

﴿اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا﴾ أي: على إبلاغ الرسالة وهم مهتدون فيما يدعونكم إليه من عبادة الله وحده لا شريك له

﴿وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي﴾ أي: وما يمنعني من إخلاص العبادة للذي خلقني وحده لا شريك له ﴿وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ أي: يوم المعاد، فيجازيكم على أعمالكم إن خيرًا فخير وإن شرًا فشر

﴿أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً﴾ استفهام إنكار وتوبيخ وتقريع ﴿إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ﴾ أي: هذه الآلهة التي تعبدونها من دونه لا يملكون من الأمر شيئًا، فإن الله تعالى لو أرادني بسوء ﴿فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ﴾ [يونس] وهذه الأصنام لا تملك دفع ذلك ولا منعه، ولا ينقذونني مما أنا فيه

﴿إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٢٤)﴾ أي: إن اتخذتها آلهة من دون الله.

وقوله تعالى: ﴿إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (٢٥)﴾ قال ابن إسحاق فيما بلغه عن ابن عباس وكعب ووهب: يقول لقومه: ﴿إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ﴾ الذي كفرتم به ﴿فَاسْمَعُونِ﴾ أي: فاسمعوا قولي (٢). ويحتمل أن يكون خطابه للرسل بقوله: ﴿إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ﴾ أي: الذي أرسلكم ﴿فَاسْمَعُونِ﴾ أي فاشهدوا لي بذلك عنده، وقد حكاه ابن جرير فقال:

وقال آخرون: بل خاطب بذلك الرسل، وقال لهم: اسمعوا قولي لتشهدوا لي بما أقول لكم عند ربي، إني آمنت بربكم واتبعتكم (٣)، وهذا القول الذي حكاه عن هؤلاء أظهر في المعنى، والله أعلم.

قال ابن إسحاق فيما بلغه عن ابن عباس وكعب ووهب : فلما قال ذلك، وثبوا عليه وثبة رجل واحد فقتلوه، ولم يكن له أحد يمنع عنه (٤).

وقال قتادة: جعلوا يرجمونه بالحجارة وهو يقول: اللَّهم اهدِ قومي فإنهم لا يعلمون، فلم يزالوا به حتى أقعصوه (٥)، وهو يقول كذلك، فقتلوه (٦).

﴿قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَالَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (٢٦) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ (٢٧) وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنْزِلِينَ (٢٨) إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ (٢٩)﴾.

قال محمد بن إسحاق، عن بعض أصحابه، عن ابن مسعود ، أنهم وطئوه بأرجلهم حتى خرج قصبه (٧) من دبره (٨)، وقال الله له: ﴿ادْخُلِ الْجَنَّةَ﴾ فدخلها فهو يرزق فيها قد أذهب الله عنه سقم الدنيا وحزنها ونصبها.


(١) أخرجه عبد الرزاق عن معمر عن قتادة بلاغًا.
(٢) أخرجه الطبري بسند ضعيف عن ابن إسحاق بلاغًا.
(٣) ذكره الطبري.
(٤) أخرجه الطبري بالسند الضعيف المتقدم.
(٥) أي: قتله مكانه.
(٦) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة لكنه لم يذكر اسم شيخه.
(٧) أي: أمعاءه.
(٨) أخرجه الطبري من طريق ابن إسحاق به وسنده ضعيف للانقطاع.