للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال: قال كعب الأحبار: إن لسبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر لدويًا حول العرش كدوي النحل يذكرن لصاحبهنَّ والعمل الصالح في الخزائن (١). وهذا إسناد صحيح إلى كعب الأحبار رحمة الله عليه، وقد روي مرفوعًا.

قال الإمام أحمد: حدثنا ابن نمير، حدثنا موسى يعني ابن مسلم الطحان، عن عون بن عبد الله، عن أبيه أو عن أخيه، عن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله : "الذين يذكرون من جلال الله من تسبيحه وتكبيره وتحميده وتهليله، يتعاطفن حول العرش لهنَّ دوي كدوي النحل، يذكرن بصاحبهن، ألا يُحبُّ أحدكم أن لا يزال له عند الله شيء يُذكِّر به؟ " (٢) وهكذا رواه ابن ماجه، عن أبي بشر خلف، عن يحيى بن سعيد القطان، عن موسى بن أبي عيسى الطحان، عن عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن أبيه أو عن أخيه، عن النعمان بن بشير به (٣).

وقوله تعالى: ﴿وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾ قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس : الكلم الطيب ذكر الله تعالى، يصعد به إلى الله ﷿، والعمل الصالح أداء الفريضة، فمن ذكر الله تعالى في أداء فرائضه حمل عمله وذكر الله تعالى به إلى الله ﷿، ومن ذكر الله تعالى ولم يؤد فرائضهُ رُدَّ كلامه على عمله، فكان أولى به (٤)، وكذا قال مجاهد: العمل الصالح يرفعه الكلام الطيب (٥)، وكذا قال أبو العالية وعكرمة وإبراهيم النخعي والضحاك والسدي والربيع بن أنس وشهر بن حوشب وغير واحد (٦).

وقال إياس بن معاوية القاضي: لولا العمل الصالح لم يرفع الكلام.

وقال الحسن وقتادة: لا يقبل قول إلا بعمل (٧).

وقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ﴾ قال مجاهد وسعيد بن جبير وشهر بن حوشب: هم المراؤون بأعمالهم (٨)؛ يعني: يمكرون بالناس يوهمون أنهم في طاعة الله تعالى، وهم بغضاء إلى الله ﷿ يراؤون بأعمالهم ﴿وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [النساء: ١٤٢].


(١) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وصحح سنده الحافظ ابن كثير إلى كعب الأحبار، لكنه مرسل إلا أنه يتقوى بالشواهد التالية.
(٢) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٣٠/ ٣١٢ ح ١٨٣٦٢)، وقال محققوه: إسناده صحيح. اهـ. وصححه الألباني كما يلي.
(٣) السنن، الأدب، باب فضل التسبيح (ح ٣٨٠٩) وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه (ح ٣٠٧١).
(٤) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق ابن أبي طلحة عن ابن عباس .
(٥) أخرجه الطبري وآدم بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٦) أخرجه البستي بسند جيد من طريق الربيع بن أنس عن أبي العالية، وأخرجه البستي من طريق ليث بن أبي سليم عن شهر بن حوشب وليث فيه مقال ويتقوى بسابقه ولاحقه، وقول الضحاك أخرجه ابن المبارك بسند حسن من طريق أبي سنان عنه (الزهد رقم ٩٠).
(٧) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن الحسن وقتادة.
(٨) أخرجه البستي والبيهقي (شعب الإيمان رقم ٦٨٤٥) بسند حسن من طريق سعيد بن سنان عن مجاهد، وأخرجه البستي والطبري كلاهما من طريق ليث بن أبي سُليم عن شهر بن حوشب، وليث فيه مقال ويتقوى بسابقه، وقول سعيد بن جبير عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم.