للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وهكذا قال ابن جريج. وعن ابن أشوع أنه قال: لما عرض الله عليهن حمل الأمانة ضججن إلى الله ثلاثة أيام ولياليهن، وقلن: ربنا لا طاقة لنا بالعمل ولا نريد الثواب (١).

ثم قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا هارون بن زيد بن أبي الزرقاء الموصلي، حدثنا أبي، حدثنا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم في هذه الآية: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ﴾. فقال الإنسان: بين أذني وعاتقي، فقال الله ﷿: إني معينك عليها، إني معينك على عينيك بطبقتين، فإذا نازعاك إلى ما أكره فأطبق، ومعينك على لسانك بطبقتين، فإذا نازعك إلى ما أكره فأطبق، ومعينك على فرجك بلباس فلا تكشفه إلى ما أكره (٢). ثم روي عن أبي حازم نحو هذا (٣).

وقال ابن جرير: حدثنا يونس، حدثنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قول الله تعالى: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا﴾، قال: إن الله تعالى عرض عليهن الأمانة أن يفترض عليهن الدين ويجعل لهن ثوابًا وعقابًا، ويستأمنهن على الدين، فقلن لا، نحن مسخرات لأمرك لا نريد ثوابًا ولا عقابًا، قال: وعرض الله على آدم فقال: بين أذني وعاتقي، قال ابن زيد: قال الله تعالى له: أما إذا تحملت هذا فسأعينك، أجعل لبصرك حجابًا فإذا خشيت أن تنظر إلى ما لا يحل لك، فأرخَّ عليه حجابه وأجعل للسانك بابًا وغلقًا، فإذا خشيت فأغلق، وأجعل لفرجك لباسًا فلا تكشفه إلا على ما أحللت [لك] (٤) (٥).

وقال ابن جرير: حدثني سعيد بن عمرو السكوني، حدثنا بقية، حدثنا عيسى بن إبراهيم، عن موسى بن أبي حبيب، عن الحكم بن عمير ، وكان من أصحاب النبي ، قال: قال رسول الله : "إن الأمانة والوفاء نزلا على ابن آدم مع الأنبياء فأرسلوا به، فمنهم رسول الله، ومنهم نبي، ومنهم نبي رسول، ونزل القرآن وهو كلام الله، وأنزلت العجمية والعربية، فعلموا أمر القرآن، وعلموا أمر السنن بألسنتهم، ولم يدع الله تعالى شيئًا من أمره مما يأتون وما يجتنبون وهي الحجج عليهم إلا بيّنه لهم، فليس أهل لسان إلا وهم يعرفون الحسن والقبيح، ثم الأمانة أول شيء يرفع ويبقى أثرها في جذور قلوب الناس، ثم يرفع الوفاء والعهد والذمم وتبقى الكتب، فعالم يعمل وجاهل يعرفها وينكرها ولا يحملها، حتى وصل إليّ وإلى أمتي، ولا يهلك على الله إلا هالك، ولا يغفله إلا تارك، فالحذر أيها الناس، وإياكم والوسواس الخناس، فإنما يبلوكم أيكم أحسن عملًا" (٦). هذا حديث غريب جدًا، وله شواهد من وجوه أخرى.

ثم قال ابن جرير: حدثنا محمد بن خلف العسقلاني، حدثنا عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي، حدثنا أبو العوام القطان، حدثنا قتادة وأبان بن أبي عياش، عن خُليد العصري، عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله : "خمس من جاء بهن يوم القيامة مع إيمان دخل الجنة:


(١) عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم وهو معضل.
(٢) سنده صحيح لكنه مرسل.
(٣) عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم وسنده مرسل.
(٤) كذا في تفسير الطبري، ولم ترد في الأصل وفي (حم) (ح).
(٥) أخرجه الطبري بسنده ومتنه وسنده ضعيف معضل.
(٦) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، واستغربه الحافظ ابن كثير، ولبعضه شواهد.