للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كثيرًا وكبيرًا (١) وكلاهما بمعنى صحيح واستحب بعضهم أن يجمع الداعي بين اللفظين في دعائه وفي ذلك نظر، بل الأولى أن يقول هذا تارة وهذا تارة كما أن القارئ مُخيّر بين القراءتين (٢) أيهما قرأ فَحَسَن وليس له الجمع بينهما، والله أعلم.

وقال أبو القاسم الطبراني: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، حدثنا ضِرار بن صُرَد، حدثنا علي بن هاشم، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه في تسمية من شهد مع علي الحجَّاج بن عمرو بن [غزية] (٣)، وهو الذي كان يقول عند اللقاء: يا معشر الأنصار أتريدون أن تقولوا لربنا إذا لقيناه: ﴿رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا (٦٧) رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا (٦٨)(٤)؟

﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا (٦٩)﴾.

قال البخاري عند تفسير هذه الآية: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، حدثنا روح بن عبادة، حدثنا عوف، عن الحسن ومحمد وخلاس، عن أبي هريرة ، قال: قال رسول الله إن موسى كان رجلًا حييًّا وذلك قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا (٦٩)(٥). هكذا أورد هذا الحديث ههنا مختصرًا جدًا وقد رواه في أحاديث الأنبياء بهذا السند بعينه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "إن موسى كان رجلًا حييًّا ستيرًا لا يرى من جلده شيء استحياء منه فآذاه من آذاه من بني إسرائيل فقالوا ما يتستر هذا التستر إلا من عيب في جلده إما برص وإما أدرة (٦) وإما آفة". وإن الله ﷿ أراد أن يبرئه مما قالوا لموسى فخلا يومًا وحده فخلع ثيابه على حجر ثم اغتسل فلما فرغ أقبل إلى ثيابه ليأخذها وإن الحجر عدا بثوبه فأخذ موسى عصاه وطلب الحجر فجعل يقول: ثوبي حجر ثوبي حجر حتى انتهى إلى ملأ من بني إسرائيل فرأوه عريانًا أحسن ما خلق الله ﷿ وأبرأه مما يقولون وقام الحجر فأخذ ثوبه فلبسه وطفق بالحجر ضربًا بعصاه فوالله إن بالحجر لندبًا (٧) من أثر ضربه ثلاثًا أو أربعًا أو خمسًا، قال: فذلك قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا (٦٩)(٨). وهذا سياق حسن مطول وهذا الحديث من إفراد البخاري دون مسلم.

وقال الإمام أحمد: حدثنا روح، حدثنا عوف، عن الحسن، عن النبي . وخلاس ومحمد،


= مسلم، الذكر والدعاء، باب استحباب خفض الصوت بالذكر (ح ٢٧٠٥).
(١) قراءة: كثيرًا شاذة، وقراءة كبيرًا متواترة.
(٢) أي: القراءتين المتواترتين.
(٣) كذا في (ح) و (حم)، وفي الأصل صُحف إلى: "غرمة".
(٤) أخرجه الطبراني بسنده ومتنه (المعجم الكبير ٣/ ٢٢٣) وفي سنده ضراء بن صُرَد: صدوق له أوهام وخطأ ورمي بالتشيع كما في التقريب ص ٢٨٠، وكذلك علي بن هاشم فيه تشيّع.
(٥) أخرجه البخاري بسنده ومتنه (الصحيح، التفسير، باب ﴿لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى﴾ [الأحزاب: ٦٩] ح ٤٧٩٩).
(٦) أي: نفخة في الخصية.
(٧) الندب أي: أثر العصا.
(٨) أخرجه البخاري بالسند المتقدم في الحديث السابق ومتنه. (الصحيح، أحاديث الأنبياء، باب رقم ٢٨ ح ٣٤٠٤).