هذا إخبار من الله تعالى عن عبده ورسوله وخليله إبراهيم ﵇ إمام الحنفاء، أمر الله تعالى رسوله محمدًا ﷺ أن يتلوه على أُمته ليقتدوا به في الإخلاص والتوكل، وعبادة الله وحده لا شريك له، والتبري من الشرك وأهله، فإن الله تعالى آتى إبراهيم رشده من قبل؛ أي: من صغره إلى كبره، فإنه من وقت نشأ وشب أنكر على قومه عبادة الأصنام مع الله ﷿: ﴿إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ (٧٠)﴾؛ أي: ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون؟
يعني: لا أعبد إلا الذي يفعل هذه الأشياء ﴿الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (٧٨)﴾؛ أي: هو الخالق الذي قدر قدرًا، وهدى الخلائق إليه، فكل يجري على ما قدر له، وهو الذي يهدي من يشاء ويضلُّ من يشاء ﴿وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (٧٩)﴾؛ أي: هو خالقي ورازقي بما سخر ويسر من الأسباب السماوية والأرضية، فساق المُزن، وأنزل الماء وأحيا به الأرض، وأخرج به من كل الثمرات رزقًا للعباد، وأنزل الماء عذبًا زلالًا يسقيه مما خلق أنعامًا وأناسي كثيرًا.
وقوله: ﴿وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (٨٠)﴾ أسند المرض إلى نفسه، وإن كان عن قدر الله وقضائه وخلقه، ولكن أضافه إلى نفسه أدبًا، كما قال تعالى آمرًا للمصلي أن يقول: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ