للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فيه، فأدخل عليهم الخوف فاتخذوا الحجزة والشرط وغيروا فغير بهم، وقال بعض السلف: خلافة أبي بكر وعمر حق في كتاب الله، ثم تلا هذه الآية.

وقال البراء بن عازب: نزلت هذه الآية ونحن في خوف شديد (١)، وهذه الآية الكريمة، كقوله تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٢٦)[الأنفال]. وقوله تعالى: ﴿كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾، كما قال تعالى عن موسى أنه قال لقومه: ﴿عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ. . .﴾ الآية [الأعراف: ١٢٩]، وقال تعالى: ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (٥) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ (٦)[القصص].

وقوله: ﴿وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ. . .﴾ الآية، كما قال رسول الله لعدي بن حاتم حين وفد عليه: "أتعرف الحيرة؟ " قال: لم أعرفها، ولكن قد سمعت بها. قال: "فوالذي نفسي بيده ليتمَّن الله هذا الأمر حتى تخرج الظعينة من الحيرة حتى تطوف بالبيت في غير جوار أحد، ولتفتحن كنوز كسرى بن هرمز" قلت: كسرى بن هُرمُز، قال: "نعم كسرى بن هُرمُز، وليبذلن المال حتى لا يقبله أحد". قال عدي بن حاتم: فهذه الظعينة تخرج من الحيرة فتطوف بالبيت في غير جوار أحد، ولقد كنت فيمن افتتح كنوز كسرى بن هرمز، والذي نفسي بيده لتكونن الثالثة؛ لأن رسول الله قد قالها (٢).

وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا سفيان، عن أبي سلمة، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أُبي بن كعب قال: قال رسول الله : "بشر هذه الأمة بالسنا (٣) والرفعة والدين والنصر والتمكين في الأرض، فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة نصيب" (٤).

وقوله تعالى: ﴿يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا﴾ قال الإمام أحمد: حدثنا عفان، حدثنا همام، حدثنا قتادة، عن أنس أن معاذ بن جبل حدثه قال: بينا أن رديف النبي على حمار ليس بيني وبينه إلا آخرة الرحل، قال: "يا معاذ". قلت: لبيك يا رسول الله وسعديك، قال: ثم سار ساعة، ثم قال: "يا معاذ بن جبل". قلت: لبيك يا رسول الله وسعديك، ثم سار ساعة، ثم قال: "يا معاذ بن جبل". قلت: لبيك يا رسول الله وسعديك. قال: "هل تدري ما حق الله على العباد؟ " قلت: الله ورسوله أعلم .. قال: "فإن حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا". قال: ثم سار ساعة، ثم قال: "يا معاذ بن جبل". قلت: لبيك يا رسول الله وسعديك. قال: "فهل تدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك؟ " قال: قلت: الله ورسوله أعلم. قال:


(١) أخرجه ابن أبي حاتم بسند ضعيف عن البراء ، ويشهد له ما سبق.
(٢) أخرجه البخاري بنحوه (الصحيح، المناقب، باب علامات النبوة ح ٣٥٩٥).
(٣) أي: بارتفاع المنزلة والقدر.
(٤) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٣٥/ ١٤٤ ح ٢١٢٢٠)، وقال محققوه: إسناده قوي، وأخرجه الحاكم من طريق سفيان به، وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٤/ ٣١١)، وقال الهيثمي: ورجال أحمد رجال الصحيح (مجمع الزوائد ١٠/ ٢٢٠). وما نقله ابن حجر عن المسند من طريق عبد الرزاق عن معمر عن سفيان به (إتحاف المهرة ١/ ١٨٨).