للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[وقد يستعمل الريب في التهمة؛ قال جميل (١):

بثينة قالت: يا جميل أربتني … فقلت كلانا يا بثين مريب

واستعمل أيضًا في الحاجة، كما قال بعضهم (١):

قضينا من تهامة كل ريب … وخيبر ثم (أجمعنا) (٢) السيوفا] (٣)

ومعنى الكلام (هنا) (٤) أنه هذا الكتاب، وهو القرآن لا شكَّ فيه أنه (منزل) (٥) من عند الله، كما قال (تعالى) (٦) في السجدة: ﴿الم (١) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢)﴾.

[وقال بعضهم: هذا خبر، ومعناه النهي؛ أي: لا ترتابوا فيه] (٣).

ومن القراء من يقف على قوله تعالى: ﴿لَا رَيْبَ﴾ ويبتدئ بقوله تعالى: ﴿فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾ والوِقف على (قوله تعالى) (٧): ﴿لَا رَيْبَ فِيهِ﴾ أولى للآية التي ذكرناها، ولأنه يصير قوله تعالى: ﴿هُدًى﴾ صفة للقرآن؛ وذلك أبلغ من (كون) (٨) ﴿فِيهِ هُدًى﴾.

وهدًى: يحتمل من حيث العربية أن يكون مرفوعًا على النعت، ومنصوبًا على الحال، وخصت الهداية للمتقين، كما قال: ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ﴾ [فصلت: ٤٤] ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا (٨٢)[الإسراء: ٨٢] إلى غير ذلك من الآيات الدالة على اختصاص المؤمنين بالنفع بالقرآن؛ لأنَّهُ هو في نفسه هدىً، ولكن لا يناله إلا الأبرار؛ كما قال (تعالى) (٩): ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (٥٧)[يونس: ٥٧].

وقد قال السُّدي (١٠)، عن أبي مالك؛ وعن أبي صالح، عن ابن عباس؛ وعن مُرَّةَ الهمداني، عن ابن مسعود، وعن أناس من أصحاب رسول الله : ﴿هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾ يعني: نورًا للمتقين.

وقال الشعبي: هدى من الضلالة (١١).

وقال سعيد بن جبير: تبيان للمتقين، وكل ذلك صحيح. وقال السدي (١٢): عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس. وعن مرة الهمداني، عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب


(١) انظر: "تفسير القرطبي" (١/ ١٥٩)، وعزا في "اللسان"، مادة: ريب، البيت الثاني إلى كعب بن مالك الأنصاري، وكذلك عزاه إليه ابن الأنباري في "الْوَقْف والابتداء" (ص ٥٧).
(٢) في (ك) و (ص): "أجمعنا" وهو تصحيف ظاهر.
(٣) ساقط من (ز).
(٤) زيادة من (*) و (ل) و (ن).
(٥) في (ز) و (ن): "نزل".
(٦) زيادة من (ز) و (ن).
(٧) من (ز) و (ن)، وفي (ل): "قوله" ولم يذكر "تعالى".
(٨) في (هـ): "كونه".
(٩) زيادة من (ن) و (ص).
(١٠) أخرجه ابن جرير (٢٦٠، ٢٦٣). [وسنده ضعيف].
(١١) [أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق بيان عن الشعبي].
(١٢) أخرجه ابن جرير (٢٦٠ - ٢٦٣).