للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٤٩) فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٥٠) وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (٥١)﴾.

يقول تعالى لنبيه حين طلب منه الكفار وقوع العذاب واستعجلوه به: ﴿قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٤٩)﴾ أي: إنما أرسلني الله إليكم نذيرًا لكم، بين يدي عذاب شديد، وليس إلي من حسابكم من شيء، أمركم إلى الله إن شاء عجل لكم العذاب، وإن شاء أخره عنكم، وإن شاء تاب على من يتوب إليه، وإن شاء أضل من كتب عليه الشقاوة، وهو الفعال لما يشاء ويريد ويختار ﴿لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ [الرعد: ٤١] ﴿إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٤٩) فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ أي: آمنت قلوبهم وصدقوا إيمانهم بأعمالهم ﴿لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾ أي: مغفرة لما سلف من سيئاتهم، ومجازاة حسنة على القليل من حسناتهم.

قال محمد بن كعب القرظي: إذا سمعت الله تعالى يقول: ﴿وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾ فهو الجنة (١).

وقوله: ﴿وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ﴾ قال مجاهد: يثبطون الناس عن متابعة النبي (٢)، وكذا قال عبد الله بن الزبير: مثبطين (٣).

وقال ابن عباس: ﴿مُعَاجِزِينَ﴾: مراغمين (٤).

﴿أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾ وهي النار الحارة الموجعة، الشديد عذابها ونكالها، أجارنا الله منها. قال الله تعالى: ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ (٨٨)[النحل].

﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٥٢) لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (٥٣) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٤)﴾.

قد ذكر كثير من المفسرين ههنا قصة الغرانيق، وما كان من رجوع كثير من المهاجرة إلى أرض الحبشة ظنًا منهم أن مشركي قريش قد أسلموا، ولكنها من طرق كلها مرسلة، ولم أرها مسندة من وجه صحيح، والله أعلم.

قال ابن أبي حاتم: حدثنا يونس بن حبيب، حدثنا أبو داود، حدثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير قال: قرأ رسول الله بمكة النجم، فلما بلغ هذا الموضع ﴿أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (١٩) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (٢٠)[النجم] قال: فألقى الشيطان على لسانه تلك الغرانيق العلى وأن شفاعتهن ترتجى، قالوا: ما ذكر آلهتنا بخير قبل اليوم، فسجد وسجدوا، فأنزل الله ﷿ هذه الآية


(١) عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم، ومعناه صحيح.
(٢) أخرجه آدم ابن أبي إياس والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٣) عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم، ويشهد له سابقه.
(٤) أخرجه الطبري بسند ضعيف عن ابن عباس بلفظ: مشاقِّين وفي سنده عثمان بن عطاء وهو ضعيف.