للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال عبد الرزاق، عن معمر، عن منصور، عن مجاهد أن عمر بن الخطاب قال: يا أهل مكة لا تتخذوا لدوركم أبوابًا لينزل البادي حيث يشاء، [قال: وأخبرنا معمر عمن سمع عطاء يقول: ﴿سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ﴾ قال: ينزلون حيث شاؤوا (١)، وروى الدارقطني من حديث ابن أبي نجيح، عن عبد الله بن عمرو موقوفًا: "من أكل كراء بيوت مكة أكل نارًا" (٢)] (٣)، وتوسط الإمام أحمد فقال: تُملَّك وتورَّث ولا تؤجَّر جمعًا بين الأدلة، والله أعلم.

وقوله: ﴿وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ قال بعض المفسرين من أهل العربية: الباء ههنا زائدة، كقوله: ﴿تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ﴾ [المؤمنون: ٢٠] أي: تنبت الدهن، وكذا قوله: ﴿وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ﴾ تقديره إلحادًا، وكما قال الأعشى:

ضمنت برزق عيالنا أرماحنا … بين المراجل (٤) والصريح الأجرد (٥)

وقال الآخر:

بواد يمان ينبت الشَّثُّ (٦) صدره … وأسفله بالمرخ (٧) [والشبهان] (٨) (٩)

والأجود أنه ضمّن الفعل ههنا معنى يهم، ولهذا عدّاه بالباء فقال: ﴿وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ﴾ أي: يهم فيه بأمر فظيع من المعاصي الكبار.

وقوله: ﴿بِظُلْمٍ﴾ أي: عامدًا قاصدًا أنه ظلم ليس بمتأول، كما قال ابن جريج، عن ابن عباس هو: التعمد (١٠).

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: ﴿بِظُلْمٍ﴾ بشرك (١١).

وقال مجاهد: أن يعبد فيه غير الله (١٢)، وكذا قال قتادة وغير واحد (١٣).

وقال العوفي، عن ابن عباس: ﴿بِظُلْمٍ﴾ هو أن تستحل من الحرم ما حرَّم الله عليك من إساءة أو قتل، فتظلم من لا يظلمك وتقتل من لا يقتلك، فإذا فعل ذلك فقد وجب له العذاب الأليم (١٤)، وقال مجاهد: ﴿بِظُلْمٍ﴾ يعمل فيه عملًا سيئًا (١٥)، وهذا من خصوصية الحرم أنه


(١) أخرجه عبد الرزاق بسنده ومتنه (المصدر السابق رقم ٩٢١١)، وسنده ضعيف لأن مجاهدًا لم يسمع من عمر بن الخطاب.
(٢) بياض في الأصل، واستدرك من (ح) و (حم) ومصنف عبد الرزاق.
(٣) أخرجه الدارقطني من طريق ابن أبي نجيح به (السنن ٢/ ٢٩٩)، وسنده ضعيف لأن ابن أبي نجيح لم يسمع من عبد الله بن عمر .
(٤) المراجل: جمع مرجل، وهو القدر.
(٥) ديوان الأعشى ٥٧.
(٦) الشّث: شجر طيب الريح مُرّ الطعم.
(٧) المرخ: شجر ليس له ورق ولا شوك سريع الاشتعال.
(٨) الشبهان: نبات طيب من الرياحين.
(٩) كذا في تفسير الطبري فقد استشهد به، وفي الأصل صُحفت إلى: "شبهات".
(١٠) أخرجه الطبري من طريق ابن جريج به، وسنده ضعيف لأن ابن جريج لم يسمع من ابن عباس.
(١١) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق علي به.
(١٢) أخرجه الطبري بسند ضعيف ويشهد له سابقه.
(١٣) أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن قتادة.
(١٤) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي به.
(١٥) أخرجه آدم بن أبي إياس والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.