للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كسنة، ويوم كشهر، يوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم" قلنا: يا رسول الله فذاك اليوم الذي هو كسنة، أيكفينا فيه صلاة يوم وليلة؟ قال: "لا اقدروا له قدره" قلنا: يا رسول الله فما إسراعه في الأرض؟ قال: كالغيث اشتد به الريح، قال: فيمر بالحيّ فيدعوهم فيستجيبون له، فيأمر السماء فتمطر، والأرض فتنبت، وتروح عليهم سارحتهم (١) وهي أطول ما كانت ذرى (٢)، أمده خواصر، وأسبغه ضروعًا، ويمر بالحي فيدعوهم فيردون عليه قوله، فتتبعه أموالهم فيصبحون ممحلين (٣) ليس لهم من أموالهم شيء، ويمر بالخربة فيقول لها: أخرجي كنوزك فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل (٤)، قال: ويأمر برجل فيقتل، فيضربه بالسيف فيقطعه جزلتين (٥) رمية الغرض، ثم يدعوه فيقبل إليه، فبينما هم على ذلك إذ بعث الله ﷿ المسيح عيسى ابن مريم، فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين (٦) واضعًا يديه على أجنحة ملكين، فيتبعه فيدركه فيقتله عند باب لُّد الشرقي، قال: فبينما هم كذلك إذ أوحى الله ﷿ إلى عيسى ابن مريم أني قد أخرجت عبادًا من عبادي لا يدان لك بقتالهم، فحوّز عبادي إلى الطور، فيبعث الله ﷿ يأجوج ومأجوج، كما قال تعالى: ﴿وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ﴾ فيرغب عيسى وأصحابه إلى الله ﷿، فيرسل عليهم نغفًا في رقابهم فيصبحون موتى كموت نفس واحدة، فيهبط عيسى وأصحابه فلا يجدون في الأرض بيتًا إلا قد ملأه زهمهم (٧) ونتنهم، فيرغب عيسى وأصحابه إلى الله ﷿، فيرسل الله عليهم طيرًا كأعناق البخت، فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله".

قال ابن جابر: فحدثني عطاء بن يزيد السكسكي عن كعب أو غيره قال: فتطرحهم بالمهبل (٨).

قال ابن جابر: فقلت: يا أبا يزيد وأين المهبل؟ قال: مطلع الشمس.

قال: "ويرسل الله مطرًا لا يكن منه بيت مدر ولا وبر أربعين يومًا، فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلقة؛ ويقال للأرض: أنبتي ثمرك ودرِّي بركتك، قال: فيومئذٍ يأكل النفر من الرمانة فيستظلون بقحفها، ويبارك في الرسل حتى إن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس، واللقحة من البقر تكفي الفخذ، والشاة من الغنم تكفي أهل البيت، قال: فبينما هم على ذلك إذ بعث الله ﷿ ريحًا طيبة، فتأخذهم تحت آباطهم فتقبض روح كل مسلم - أو قال: كل مؤمن - ويبقى شرار الناس يتهارجون تهارج الحمر وعليهم تقوم الساعة" (٩).

انفرد بإخراجه مسلم دون البخاري، ورواه مع بقية أهل السنن من طرق عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر به. وقال الترمذي: حسن صحيح (١٠).


(١) أي: ماشيتهم.
(٢) جمع ذروة، وهي: أعلى سنام البعير.
(٣) أي: مجدبين.
(٤) جمع يعسوب، وهو: أمير النحل؛ أي تظهر له وتجتمع عنده كما تجتمع النحل على يعاسيبها.
(٥) أي: قطعتين.
(٦) أي: بين حُلّتين شبيهتين بالمصبوغ بالهرد، والهرد: عرق، وقيل: الثوب المهرود الذي يصبغ بالورس ثم بالزعفران.
(٧) أي: دسمهم.
(٨) أي: الهوة الذاهبة في الأرض.
(٩) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه، وصحح سنده محققوه (المسند ٢٩/ ١٧٢ - ١٧٥).
(١٠) صحيح مسلم، الفتن، باب ذكر الدجال وصفته (ح ٢١٣٧)، وسنن الترمذي، الفتن (ح ٢٢٤٠).