للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أبي يزيد قال: رأى ابن عباس صبيانًا ينزو بعضهم على بعض يلعبون، فقال ابن عباس: هكذا يخرج يأجوج ومأجوج (١).

وقد ورد ذكر خروجهم في أحاديث متعددة من السنة النبوية.

فالحديث الأول: قال الإمام أحمد: حدثنا يعقوب، حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، عن عاصم بن عمرو بن قتادة، عن محمود بن لبيد، عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله يقول: "تفتح يأجوج ومأجوج، فيخرجون على الناس، كما قال الله ﷿: ﴿وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ﴾ " فيغشون الناس وينحاز المسلمون عنهم إلى مدائنهم وحصونهم، ويضمون إليهم مواشيهم، ويشربون مياه الأرض حتى إن بعضهم ليمرّ بالنهر فيشربون ما فيه حتى يتركوه يابسًا، حتى أن مَن بعدهم ليمرّ بذلك النهر فيقول: قد كان ههنا ماء مرة، حتى إذا لم يبق من الناس أحد إلا أحد في حصن أو مدينة، قال قائلهم: هؤلاء أهل الأرض قد فرغنا منهم بقي أهل السماء، قال: ثم يهزُ أحدهم حربته، ثم يرمي بها إلى السماء فترجع إليه مخضبة دمًا للبلاء والفتنة، فبينما هم على ذلك إذ بعث الله ﷿ دودًا في أعناقهم كنغف (٢) الجراد الذي يخرج في أعناقه، فيصبحون موتى لا يسمع لهم حس، فيقول المسلمون: ألا رجل يشري لنا نفسه فينظر ما فعل هذا العدو؟ قال: فيتجرد رجل منهم محتسبًا نفسه قد أوطنها على أنه مقتول فينزل فيجدهم موتى بعضهم على بعض، فينادي: "يا معشر المسلمين ألا أبشروا إن الله ﷿ قد كفاكم عدوكم، فيخرجون من مدائنهم وحصونهم، ويسرحون مواشيهم، فما يكون لهم رعي إلا لحومهم، فتشكر عنهم كأحس ما شكرت عن شيء من النبات أصابته قط" (٣)، ورواه ابن ماجه من حديث يونس بن بكير، عن ابن إسحاق [به] (٤) (٥).

(الحديث الثاني): قال الإمام أحمد أيضًا: حدثنا الوليد بن مسلم أبو العباس الدمشقي، حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، حدثني يحيى بن جابر الطائي قاضي حمص، حدثني عبد الرحمن بن جبير بن نفير الحضرمي، عن أبيه: أنه سمع النواس بن سمعان الكلابي قال: ذكر رسول الله الدجال ذات غداة، فخفض فيه ورفع حتى ظنناه في طائفة النخل، فلما رحنا إليه عرف ذلك في وجوهنا، فسألناه فقلنا: يا رسول الله ذكرت الدجال الغداة فخفضت فيه ورفعت حتى ظنناه في طائفة النخل؟ فقال: "غير الدجال أخوفني عليكم. فإن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم، وإن يخرج ولست فيكم فكل امرئ حجيج نفسه، والله خليفتي على كل مسلم، وإنه شاب جعد قطط عينه طافية (٦)، وإنه يخرج خلة بين الشام والعراق فعاث يمينًا وشمالًا يا عباد الله اثبتوا، قلنا: يا رسول الله ما لبثه في الأرض؟ قال: "أربعون يومًا، يوم


(١) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده صحيح.
(٢) النغف: دود يكون في أنوف الإبل والغنم (النهاية ٥/ ٨٧).
(٣) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه، وحسّن سنده محققوه (المسند ١٨/ ٢٥٦ - ٢٥٨ ح ١١٧٣١).
(٤) زيادة من (ح) و (حم).
(٥) سنن ابن ماجه، الفتن، باب طلوع الشمس من مغربها (ح ٤٠٧٩)، وقال الألباني: حسن صحيح (صحيح سنن ابن ماجه (ح ٣٣٠٧).
(٦) أي: مرتفعة عن محلها.