للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

البحر، قال: وسبح وهو في بطن الحوت، فسمعت الملائكة تسبيحه، فقالوا: يا ربنا إنا نسمع صوتًا ضعيفًا بأرض غريبة، قال: ذلك عبدي يونس عصاني فحبسته في بطن الحوت في البحر، قالوا: العبد الصالح الذي كان يصعد إليك منه في كل يوم وليلة عمل صالح؟ قال: نعم، قال: فشفعوا له عند ذلك، فأمر الحوت فقذفه في الساحل، كما قال الله تعالى: ﴿وَهُوَ سَقِيمٌ﴾ [الصافات: ١٤٥] " رواه ابن جرير (١)، ورواه البزار في مسنده من طريق محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن رافع، عن أبي هريرة فذكره بنحوه، ثم قال: لا نعلمه يروى عن النبي إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد (٢).

وروى ابن عبد الحق من حديث شعبة، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سلمة، عن علي مرفوعًا: "لا ينبغي لعبد أن يقول: أنا خير من يونس بن متى، سبح لله في الظلمات" (٣)، وقد روي هذا الحديث بدون هذه الزيادة من حديث ابن عباس وابن مسعود وعبد الله بن جعفر، وسيأتي أسانيدها في سورة "ن" (٤).

وروى ابن أبي حاتم: حدثنا أبو عبيد الله أحمد بن عبد الرحمن ابن أخي ابن وهب، حدثنا عمي، حدثني أبو صخر، أن يزيد الرقاشي قال: سمعت أنس بن مالك، ولا أعلم إلا أن أنسًا يرفع الحديث إلى رسول الله أن يونس النبي حين بدا له أن يدعو بهذه الكلمات وهو في بطن الحوت قال: اللَّهم لا إله إلا أنت، سبحانك إني كنت من الظالمين، فأقبلت هذه الدعوة تحت العرش، فقالت الملائكة: يا ربِّ صوت ضعيف معروف من بلاد غريبة، فقال: أما تعرفون ذاك؟ قالوا: لا يا ربِّ، ومن هو؟ قال: عبدي يونس، قالوا: عبدك يونس الذي لم يزل يرفع له عمل متقبل ودعوة مجابة، قال: نعم قالوا: يا ربِّ أو لا ترحم ما كان يصنع في الرخاء فتنجيه من البلاء؟ قال: بلى، فأمر الحوت فطرحه في العراء (٥).

وقوله: ﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ﴾ أي: أخرجناه من بطن الحوت وتلك الظلمات ﴿وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ﴾ أي: إذا كانوا في الشدائد ودعونا منيبين إلينا ولا سيما إذا دعوا بهذا الدعاء في حال البلاء، فقد جاء الترغيب في الدعاء به عن سيد الأنبياء.

قال الإمام أحمد: حدثنا إسماعيل بن عمر، حدثنا يونس بن أبي إسحاق الهمداني، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سعد، حدثني والدي محمد، عن أبيه سعد هو:- ابن أبي وقاص قال: مررت بعثمان بن عفان في المسجد، فسلمت عليه، فملأ عينيه مني ثم لم يرد عليّ السلام، فأتيت عمر بن الخطاب فقلت: يا أمير المؤمنين هل حدث في الإسلام شيء، مرتين قال: لا وما ذاك؟ قلت: لا، إلا أني مررت بعثمان آنفًا في المسجد فسلمت عليه فملأ عينيه مني


(١) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده ضعيف لجهالة شيخ ابن إسحاق.
(٢) أخرجه البزار كما في كشف الأستار (ح ٢٢٥٤)، وسنده ضعيف أيضًا لعنعنة ابن إسحاق وإسقاط شيخه.
(٣) في سنده عبد الله بن سلمة: صدوق تغير حفظه (التقريب ص ٣٠٦)، ولعل الزيادة منه لأنه ثبت في الصحيح من حديث ابن عباس بدون قوله: "سبح لله في الظلمات" (صحيح البخاري، أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: ﴿وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (٩). . .﴾ [طه] ح ٣٣٩٥).
(٤) في الآيات ٤٨ - ٥٠.
(٥) سنده ضعيف لضعف يزيد الرقاشي.