للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال أيضًا: حدثنا أبو زرعة، حدثنا عمرو بن مرزوق، حدثنا همام، عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن بشير بن نَهيك، عن أبي هريرة، عن النبي قال: "لما عافى الله أيوب أمطر عليه جرادًا من ذهب، فجعل يأخذ منه بيده ويجعله في ثوبه، قال: فقيل له: يا أيوب أما تشبع؟ قال: يا ربِّ ومن يشبع من رحمتك" (١) أصله في الصحيحين، وسيأتي في موضع آخر.

وقوله: ﴿وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ﴾ قد تقدم عن ابن عباس أنه قال: ردُّوا عليه بأعيانهم (٢)، وكذا رواه العوفي عن ابن عباس أيضًا (٣)، وروي مثله عن ابن مسعود ومجاهد، وبه قال الحسن وقتادة (٤).

وقد زعم بعضهم أن اسم زوجته رحمة، فإن كان أخذ ذلك من سياق الآية فقد أبعد النجعة، وإن كان أخذه من نقل أهل الكتاب وصحَّ ذلك عنهم، فهو مما لا يصدق ولا يكذب.

وقد سماها ابن عساكر في تاريخه رحمه الله تعالى: قال: ويقال اسمها: ليا بنت مِنَشّا بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، قال: ويقال: ليا بنت يعقوب زوجة أيوب كانت معه بأرض البثنية (٥).

وقال مجاهد: قيل له: يا أيوب إن أهلك لك في الجنة، فإن شئت أتيناك بهم، وإن شئت تركناهم لك في الجنة وعوضناك مثلهم؟ قال: لا بل اتركهم لي في الجنة، فتركوا له في الجنة وعوض مثلهم في الدنيا (٦).

وقال حماد بن زيد، عن أبي عمران الجوني، عن نوف البكالي قال: أوتي أجرهم في الآخرة وأعطي مثلهم في الدنيا. قال: فحدثت به مطرفًا، فقال: ما عرفت وجهها قبل اليوم، وكذا روي عن قتادة والسدي وغير واحد من السلف (٧)، والله أعلم.

قول: ﴿رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا﴾ أي: فعلنا به ذلك رحمة من الله به ﴿وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ﴾ أي: وجعلناه في ذلك قدوة لئلا يظن أهل البلاء أنما فعلنا بهم ذلك لهوانهم علينا، وليتأسوا به في الصبر على مقدورات الله وابتلائه لعباده بما يشاء، وله [الحكمة] (٨) في ذلك.


(١) أصله في صحيح البخاري، كتاب الغسل، باب من اغتسل عريانًا وحده في الخلوة … (ح ٢٧٩).
(٢) تقدم قبل ثلاث روايات وتبين أنه ضعيف ولكن يتقوى بالآثار التالية.
(٣) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي به.
(٤) قول ابن مسعود أخرجه الطبري والطبري والطبراني (المعجم الكبير ٩/ ٢٥٤) كلاهما من طريق الضحاك عن ابن مسعود، وسنده ضعيف؛ لأن الضحاك لم يسمع من ابن مسعود، وقول مجاهد أخرجه الطبري بسندين يقوي أحدهما الآخر، وقول قتادة والحسن، أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عنهما.
(٥) هي قرية بين دمشق وأذرعات كان يسكنها أيوب ، كما في مراصد الاطلاع.
(٦) أخرجه الطبري بسند ضعيف مختصرًا، وفي سنده ابن حميد، وهو محمد بن حميد الرازي، وليث هو ابن أبي سُليم، وكلاهما فيهما مقال.
(٧) هذا القول يخالف قول مجاهد والحسن وقتادة المتقدم من الإيتاء في الدنيا وليس في الآخرة.
(٨) كذا في (ح) و (حم)، وفي الأصل: "الحمد".