للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[الصافات] فأعطاه الله إسحاق وزاده يعقوب نافلة (١).

﴿وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ﴾ أي: الجميع أهل خير وصلاح

﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً﴾ أي: يقتدى بهم، ﴿يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا﴾ أي: يدعون إلى الله بإذنه، ولهذا قال: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ﴾ من باب عطف الخاص على العام ﴿وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ﴾ أي: فاعلين لما يأمرون الناس به،

ثم عطف بذكر لوط، وهو لوط بن هاران بن آزر. كان قد آمن بإبراهيم واتبعه وهاجر معه، كما قال تعالى: ﴿فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي﴾ [العنكبوت: ٢٦] فآتاه الله حكمًا وعلمًا، وأوحى إليه وجعله نبيًا وبعثه إلى سدوم وأعمالها، فخالفوه وكذبوه، فأهلكهم الله ودمر عليهم، كما قصّ خببم هم في غير موضع من كتابه العزيز، ولهذا قال: ﴿وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ (٧٤) وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (٧٥)﴾.

﴿وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (٧٦) وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (٧٧)﴾.

يخبر تعالى عن استجابته لعبده ورسوله نوح حين دعا على قومه لما كذبوه ﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (١٠)[القمر]، ﴿وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (٢٦) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا (٢٧)[نوح] ولهذا قال ههنا: ﴿إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ﴾ أي: الذين آمنوا به، كما قال: ﴿وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ﴾ [هود: ٤٠].

وقوله: ﴿مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ﴾ أي: من الشدة والتكذيب والأذى، فإنه لبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عامًا يدعوهم إلى الله ﷿ فلم يؤمن به منهم إلا القليل، وكانوا يتصدون لأذاه ويتواصون قرنًا بعد قرن وجيلًا بعد جيل على خلافه،

وقوله: ﴿وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ﴾ أي: ونجيناه وخلصناه منتصرًا من القوم ﴿الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ أي: أهلكهم الله بعامة، ولم يبق على وجه الأرض منهم أحد، كما دعا عليهم نبيهم.

﴿وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (٧٨) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ (٧٩) وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ (٨٠) وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ (٨١) وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ (٨٢)﴾.

قال أبو إسحاق، عن مرة، عن ابن مسعود: كان ذلك الحرث كرمًا قد تدلّت عناقيده (٢)، وكذا


(١) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق عبد الله بن وهب عن عبد الرحمن بنحوه.
(٢) أخرجه الطبري والحاكم من طريق أشعث عن أبي إسحاق به، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي (المستدرك ٢/ ٥٨٨)