للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ملكهم، فقالوا: ﴿قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ﴾ فجمعوا حطبًا كثيرًا جدًا، قال السدي: حتى إن كانت المرأة تمرض فتنذر إن عوفيت أن تحمل حطبًا لحريق إبراهيم، ثم جعلوه في جوبَة (١) من الأرض وأضرموها نارًا، فكان لها شرر عظيم ولهب مرتفع لم توقد نار قط مثلها، وجعلوا إبراهيم في كفة المنجنيق بإشارة رجل من أعراب فارس من الأكراد.

قال شعيب الجبائي: اسمه هيزن: فخسف الله به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة (٢)، فلما ألقوه قال: حسبي الله ونعم الوكيل. كما رواه البخاري، عن ابن عباس: أنه قال: حسبي الله ونعم الوكيل، قالها إبراهيم حين ألقي في النار، وقالها محمد حين قالوا: ﴿إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾ [آل عمران: ١٧٣] (٣).

وروى الحافظ أبو يعلى: حدثنا [أبو هشام] (٤)، حدثنا إسحاق بن سليمان، عن أبي جعفر، عن عاصم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "لما ألقي إبراهيم في النار، قال: اللهم إنك في السماء واحد، وأنا في أرض واحد أعبدك" (٥).

ويروى أنه لما جعلوا يوثقونه قال: لا إله إلا أنت، سبحانك لك الحمد، ولك الملك لا شريك لك (٦).

وقال شعيب الجبائي: كان عمره إذ ذاك ست عشرة سنة (٧)، فالله أعلم.

وذكر بعض السلف أنه عرض له جبريل وهو في الهواء فقال: ألك حاجة؟ فقال: أما إليك فلا، وأما من الله فبلى.

وقال سعيد بن جبير - ويروى عن ابن عباس أيضًا - قال: لما ألقي إبراهيم، جعل خازن المطر يقول: متى أومر بالمطر فأرسله؟ قال: فكان أمر الله أسرع من أمره، قال الله: ﴿يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ﴾ قال: لم يبق نار في الأرض إلا طفئت (٨).

وقال كعب الأحبار: لم ينتفع أحد يومئذٍ بنار، ولم تحرق النار من إبراهيم سوى وثاقه (٩).


(١) أي: حفرة.
(٢) أخرجه الطبري بسند فيه الحسين وهو ابن داود ضعيف.
(٣) صحيح البخاري، التفسير، باب ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ﴾ [آل عمران: ١٧٣] (ح ٤٥٦٣).
(٤) كذا في (ح) و (حم)، وفي الأصل صُحف: "ابن هشام".
(٥) أخرجه البزار كما في كشف الأستار (ح ٢٣٤٩)، وأبو نعيم (الحلية ١/ ١٩) كلاهما من طريق أبي هشام الرفاعي به، وسنده ضعيف لضعف عاصم، وهو ابن عمر بن حفص العمري (التقريب ص ٢٨٦)، ومتنه يخالف ما تقدم في الصحيح.
(٦) أخرجه الطبري بسند فيه الحسين، وهو ابن داود: ضعيف، ومتنه يخالف ما تقدم في الصحيح عن ابن عباس .
(٧) أخرجه الطبري بسند فيه الحسين، وهو ابن داود، وهو ضعيف.
(٨) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير بدون ذكر ابن عباس، والخبر من الإسرائيليات.
(٩) أخرجه الطبري بسند ضعيف كالذي قبل سابقه.