للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودخل في زمرة من فسر القرآن بالرأي … والنقل والسماع لابدّ له منه في ظاهر التفسير أولًا، لِيُتَقى به مواضع الغلط، ثم بعد ذلك يتسع الفهم والاستنباط والغرائب التي لا تفهم إلا بالسماع.

وقد ذكر مثل هذا التنبيه المحدث ابن الأثير الجزري في كتابه "جامع الأصول" في بداية الجزء الثاني وفيه كتاب "التفسير".

وقد يُلاحظ أن الحافظ ابن كثير لا يهتم بالإعراب واللغة كاهتمامه بالرواية، وهذا صحيح فإن الرواية هي أساس التفسير وتحت لوائها ينضوي علم أسباب النزول، والناسخ والمنسوخ، والتفسير النبوي، وتفاسير الصحابة والتابعين، ثم يثني باللغة والإعراب ويجعلها كالملح في الطعام، ويحتاج القارئ إلى تذوق ذلك حتى يرى هذا الاهتمام الثاني، فهو أحيانًا يسوق التفسير معتمدًا على الإعراب كما في قوله تعالى: ﴿ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ﴾ [الإسراء: ٣] قال الحافظ: تقديره: يا ذرية من حملنا مع نوح. اهـ. فهذه الصياغة مبنية على الإعراب بأنه منصوب على الإغراء، ويستنبط من ذلك أن الحافظ ابن كثير لم يترك التفسير اللغوي بل اعتمده بعد الأثر.

إضافة لذلك فإن كثيرًا من غريب القرآن يأخذه من المفسرين من الصحابة والتابعين .

هذا بالنسبة لمنهج الحافظ ابن كثير في جمعه بين ضروب البيان، وإضافة إلى ذلك فقد كان من منهجه تحرّي المصادر التي يرجع إليها، فكان إذا رجع إلى نسخة ضعيفة فإنه يصرح بذلك وهذا من الأمانة العلمية، فقد نقل رواية من كتاب مغازي الأموي ضعَّف إسنادها ثم قال: كذا كتبته من نسخة مغلوطة، وذلك في تفسير قوله تعالى: ﴿فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (١٠١) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ … ﴾ [الصافات: ١٠١ - ١٠٧] تحت عنوان: ذكر الآثار الواردة بأنه إسماعيل ، وهو الصحيح المقطوع به.

<<  <  ج: ص:  >  >>